للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِليكَ إلهَ الخَلقِ أَرفَعُ رَغبتِي … وإنْ كنتُ يا ذا المنِّ والجُودِ مُجرِمًا

ولمَّا قَسى قَلبِي وضاقَتْ مَذاهبِي … جعَلتُ الرَّجا منِّي لعَفوِكَ سُلمَا

تَعاظَمنِي ذَنبي فلَّما قَرنتُه … بعَفوكَ ربِّي كانَ عَفوُك أَعظمَا

فما زِلتَ ذا عَفوٍ عن الذَّنبِ لَم تَزلْ … تَجودُ وتَعفُو مِنةً وتَكرُّمَا

فلَولاكَ لم يَصمُدْ لإِبليسَ عابِدٌ … فكيفَ وقد أَغوَى صَفيَّك آدمَا

فإنْ تَعفُ عنِّي تَعفُ عن مُتمرِّدٍ … ظَلومٍ غَشومٍ لا يَزايلُ مَأثمًا

وإن تَنتقِمْ مني فلَستُ بآيسٍ … ولو أَدخَلوا نَفسِي بجُرمٍ جَهنَّما

فجُرمِي عَظِيمٌ مِنْ قَديمٍ وحَادثٍ … وعَفوُك يا ذا العَفوِ أَعلَى وأَجسَمَا (١)

قالَ الرَّبيعُ بنُ سُليمانَ: لمَّا كانَ معَ المَغربِ، لَيلةَ ماتَ الشافِعيُّ، قالَ له ابنُ عمِّه ابنُ يَعقوبَ: نَنزِلُ نُصلِّي؟ قالَ: تَجلِسونَ تَنتظِرونَ خُروجَ نَفسِي؟ فنزَلْنا ثم صعِدْنا فقُلنا: صلَّيْنا أصلَحَك اللهُ، قالَ: نَعمْ فاستَسقَى -وكانَ شِتاءً- فقالَ له ابنُ عمِّه: أَمزُجُه بالماءِ المُسخَّنِ؟ فقالَ له الشافِعيُّ : لا، بلْ برُبِّ السَّفرجَلِ، وتُوفِّي معَ العِشاءِ الآخِرةِ رَحمةُ اللهِ عليه (٢).

قالَ الرَّبيعُ بنُ سُليمانَ: تُوفِّي الشافِعيُّ و لَيلةَ الجمُعةِ بعدَ المَغربِ وأنا عندَه، ودُفنَ يومَ الجمُعةِ بعدَ العَصرِ آخرَ يومٍ مِنْ رَجبٍ،


(١) «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٩٣، ٢٩٤).
(٢) السابق (٢/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>