للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيةِ: إذا كانَت الوَديعةُ مُشاعًا لرَجُلينِ فجاءَ أَحدُهما وطلَبَ حِصتَه فإنَّه يَقسمُ ذلك ويَدفعُ إليه حِصتُه.

وَجهُ قَولِهما: أنَّه طلَبَ نَصيبَه خاصَّةً فيُؤمرُ بالدَّفعِ إليه؛ لأنَّه مُتصرِّفٌ في مِلكِ نَفسِه فكانَ له ذلك مِنْ غيرِ حَضرةِ الغائِبِ، كما إذا كانَ لرَجلينِ دَينٌ مُشتَركٌ على رَجلٍ، فجاءَ أَحدُهما وطلَبَ حِصتهَ مِنْ الدَّينِ، فإنَّه يَدفعُ إليه حِصتَه لمَا قُلنا، كذا هذا، وهذا لأنَّه يُطالبُه بتَسليمِ ما سلَّمَ إليه وهو النِّصفُ وهو له، ولهذا كانَ له أنْ يَأخذَه إذا ظفِرَ به، فكذا يُؤمرُ المُودَعُ بالتَّسليمِ إليه.

قالَ الكاسانِيُّ : ولا يَكونُ ذلك قِسمةً جائِزةً على الغائِبِ بلا خِلافٍ، حتى لو هلَكَ الباقِي في يدِ المُودَعِ ثُم جاءَ الغائِبُ له أنْ يُشاركَ صاحِبَه في المَقبوضِ عندَهم جَميعًا.

ولو هلَكَ المَقبوضُ في يدِ القابِضِ ثُم جاءَ الغائِبُ فليسَ للقابِضِ أنْ يُشاركَ صاحِبَه في الباقِي (١).

والخِلافُ بينَ أَبي حَنيفةَ والصَّاحِبينِ في المِثليَّاتِ، أما لو كانَت الوَديعةُ مِنْ ذَواتِ القِيمِ كالثِّيابِ والعَبيدِ والبَهائمِ ضمِنَ اتِّفاقًا (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٠).
(٢) «مجمع الضمانات» (١/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>