للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقِسمةِ، وليسَ للمُودَعِ وِلايةُ القِسمةِ، بخِلافِ الدَّينِ المُشتركِ؛ لأنَّه يُطالبُه بتَسليمِ حقِّه؛ لأنَّ الدُّيونَ تُقضى بأَمثالِها (١).

القَولُ الثالِثُ: وهو قَولُ الحَنابِلةِ والصاحِبَينِ مِنْ الحَنفيةِ أَبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ، وهو التَّفريقُ بينَ الوَديعةِ إذا كانَت مِنْ المِثليَّاتِ التي لا تَنقصُ بالقِسمةِ، فطلَبَ أَحدُ الشَّريكَينِ حِصتَه مِنْ المُودَعِ معَ غَيبةِ الشَّريكِ الآخرِ أو معَ حُضورِه وامتِناعِه مِنْ الأَخذِ لزِمَ المُودَعَ الدَّفعُ إليه، فإنِ امتَنعَ مِنْ دَفعِ حِصتِه ضمِنَها.

وأما غيرُ المِثليِّ كالمُتقوِّماتِ فلا يَجوزُ دَفعُها إليه.

قالَ الحَنابِلةُ: إنْ أودَعَه اثنانِ مَكيلًا أو مَوزونًا يَنقسمُ إِجبارًا بأنْ لمْ يَنقصْ بتَفرقِه فطلَبَ أَحدُهما نَصيبَه مِنْ الوَديعِ لغَيبةِ شَريكِه أو حُضورِه وامتِناعِه مِنْ الأَخذِ أو مِنْ الإِذنِ لصاحِبِه في أَخذِ حقِّه سلَّمَ المُودَعُ نَصيبَه إليه وُجوبًا؛ لأنَّه أمكَنَ تَمييزُ نَصيبِ أَحدِ الشَّريكَينِ مِنْ نَصيبِ الآخرِ بغيرِ غَبنٍ ولا ضَررٍ، فإذا طلَبَ أَحدُهما نَصيبَه لزِمَه دفَعَه إليه كما لو كانَ مُتميِّزًا.

وأما غيرُ المِثليِّ فلا يَجوزُ دَفعُ نَصيبِه إليه؛ لأنَّ قِسمتَه لا يُؤمنُ فيها الحَيفُ لافتِقارِها إلى التَّقويمِ، وهو ظنٌّ وتَخمينٌ (٢).


(١) «تحفة الفقهاء» (٣/ ١٧٣)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٠)، و «الهداية» (٣/ ٢١٧)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٨٠)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٦٠)، و «الاختيار» (٣/ ٣٢)، و «اللباب» (١/ ٦٤٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٣٣، ١٣٤).
(٢) «المحرر في الفقه» (١/ ٣٦٤)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٤٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٥٤، ٢٥٥)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>