للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لازمةٍ- أو عَدمُ لُزومٍ، يَعني أنْ تَصيرَ الإِجارةُ غيرَ لازمةٍ معَ أنَّها لازمةٌ، بِناءً عليه فليسَ للمُستودَعِ أنْ يُؤجرَ الوَديعةَ بلا إِذنٍ لأَجلِ مَنافعِ نَفسِه، وليسَ له أنْ يُؤجرَها لأَجلِ المُودِعِ أيضًا، وليسَ له أنْ يُعيرَها؛ لأنَّ المُستودَعَ غيرُ مالِكٍ لمَنافعِ الوَديعةِ، وحيثُ إنَّ الإِعارةَ تَمليكُ المَنافعِ، فليسَ مِنْ المُمكنِ أنْ يَملكَ شَخصٌ شَيئًا لا يَملِكُه.

وليسَ له أنْ يَرهنَها عندَ آخرَ؛ لأنَّ الرَّهنَ إِيفاءٌ حُكمًا، وليسَ لشَخصٍ أنْ يَفيَ دَينَه بمالِ الغيرِ بلا أَمرِ صاحِبِه، وعليه فكما أنَّه ليسَ للمُستودَعِ أنْ يَرهنَ الوَديعةَ بلا إِذنٍ لأَجلِ دَينِ نَفسِه أو دَينِ شَخصٍ أَجنبيٍّ، فليسَ له أنْ يَرهنَها لأَجلِ دَينِ المُودِعِ أَيضًا بلا إِذنٍ؛ لأنَّ الرَّهنَ عَقدٌ لازمٌ، والوَديعةُ ليسَت عَقدًا لازمًا.

فإنِ استَعملَها بلا إِذنٍ أو أَجرَها أو أَعارَها أو رَهنَها وسلَّمَها، وهلَكَت الوَديعةُ أو ضاعَت أو نقَصَت قِيمتُها في أَثناءِ الاستِعمالِ بيدِ المُستودَعِ أو بيدِ المُستأجِرِ أو المُستعيرِ أو المُرتهِنِ -ولو بلا تَعدٍّ أو تَقصيرٍ- لزِمَ الضَّمانَ على المُستودَعِ؛ لأنَّ هذه الأَعمالَ نَظرًا لكَونِها تَصرفًا في مِلكِ الغيرِ بلا إِذنٍ مُوجِبةٌ للضَّمانِ (١).

والمالِكُ بالخِيارِ في هذه الحالِةِ، بينَ تَضمينِ الوَديعِ أو في تَضمينِ المُستأجِرِ أو المُستعيرِ أو المُرتَهنِ.


(١) «مرشد الحيران» (٣/ ١٢١٩، ١٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>