للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ نقَلَها إلى دونِه عندَ الخَوفِ عليها نظَرْنا، فإنْ أمكَنَه إِحرازُها بمِثلِه أو أَعلى منه ضمِنَها أيضًا لتَفريطِه، وإنْ لمْ يُمكنْه إِحرازُها إلا بما دونَه لمْ يَضمنْها؛ لأنَّ إِحرازَها بذلك أَحفظُ لها مِنْ تَركِه، وليسَ في وُسعِه سِواه (١).

ولو قالَ له ربُّها: «لا تُخرِجْها مِنْ ذلك الحِرزِ وإنْ خِفْت عليها الهَلاكَ» جازَ له أنْ يُخرجَها في هذه الحالَةِ لأنَّه مَوضعُ عُذرٍ، فلا يَضمنُ بالنَّقلِ؛ لأنَّه زيادةُ خَيرٍ وحِفظٍ فلمْ يَضمنْ به، كما لو قالَ له: «أَتلِفْها» فلمْ يُتلفْها حتى تلِفَت.

إلا أنَّهم اختلَفُوا فيما إذا لمْ يَنقلْها المُودَعُ في هذه الحالِةِ فتلِفَت، هل يَضمنُها أم لا؟ في ذلك وَجهانِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ.

أَحدُهما وهو الصَّحيحُ عندَهما: أنَّه لا يَضمنُ؛ لأنَّه مُمتثلٌ أَمرَ ربِّها فيما فعلَ؛ لأنَّ نَهيَه معَ خَوفِ الهَلاكِ نصٌّ فيه وتَصريحٌ به، فيَكونُ مَأذونًا في تَركِها في تلك الحالِ، فلمْ يَضمنْها لامتِثالِه أَمرَ صاحبِها، كما لو قالَ له: «أَتلِفْها» فأتلَفَها.

والثانِي: يَضمنُ؛ لأنَّه غرَّرَ بها حيثُ ترَكَ نَقلَها معَ الخَوفِ عليها؛ لأنَّ نَهيَ صاحبِها عن إِخراجِها إنما كانَ لحِفظِها، وحِفظُها هنا في إِخراجِها، فأشبَهَ ما لو لمْ يَنهَه عن إِخراجِها (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٣٠٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٥، ٢٠٦)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٥٠، ١٥١).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٥٩، ٣٦٠)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٦٨، ٣٦٩)، و «البيان» (٦/ ٤٧٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٥٦، ٣٥٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٩، ١٤٠)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٣٢٤، ٣٢٦)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١٣٨، ١٣٩)، و «الديباج» (٣/ ١١٣)، و «المغني» (٦/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٥، ٢٠٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢٣٤، ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>