ابتاعَ به لنَفسِه أو يُضمِّنه رَأسَ المالِ؛ لأنَّه إنما دفَعَ إليه المالَ على النِّيابةِ عنه في عَرضِه وابتِياعِ ما أمَرَه به، فكانَ أَحقَّ بما ابتاعَه.
وهذا إذا ظفَرَ بالأَمرِ قبلَ بَيعِ ما ابتاعَه، فإنْ فاتَ ما ابتاعَه به فإنَّ رِبحَه لربِّ المالِ، وخِسارَتَه على المُبضِعِ معَه انتهى (١).
وقد اختَلفَ الفُقهاءُ في الرِّبحِ الحاصِلِ مِنْ التِّجارةِ، هل يَطيبُ للمُودَعِ أم لا؟ أم يَقتسمانِه؟ أم يَجبُ التَّصدُّقُ به؟ أم يَكونُ الرِّبحُ لبَيتِ المالِ؟ على أَقوالٍ:
القَولُ الأَولُ: أنَّ الرِّبحَ الحاصِلَ مِنْ التِّجارةِ بعدَ البَيعِ للمُودَعِ؛ لأنَّه ضامِنٌ للمالِ حتى يُؤدِّيَه إلى صاحبِه، وشَرطُ الطِّيبِ الضَّمانُ وقد وُجدَ، ولأنَّه إذا ردَّ المالَ فقد طابَ له الرِّبحُ وليسَ عليه أنْ يَتصدَّقَ به.
وهذا مَذهبُ المالِكيةِ وأَبي يُوسفَ مِنْ الحَنفيةِ وأَحمدَ في رِوايةٍ، وهو قَولُ شُريحٍ القاضِي والحَسنِ البَصريِّ والشِّعبيِّ ويَحيى الأَنصاريِّ ورَبيعةَ والثُّوريِّ واللِّيثِ.
قالَ الإِمامُ ابنُ بَطالٍ ﵀: وأَصحُّ هذه الأَقوالِ قَولُ مَنْ رَأى أنَّ الرِّبحَ للغاصِبِ والمُتعدِّي، والحُجةُ له أنَّ العَينَ قد صارَ في ذِمتِه، وهو
(١) «مواهب الجليل» (٧/ ٢٢٩، ٢٣٠)، و «الذخيرة» (٩/ ١٧٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٦٢، ٢٦٣)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٢٣، ١٢٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٤٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ١٥٤).