وعلى كلا القَولَينِ يَكونُ الرِّبحُ الحاصِلُ مِنْ التِّجارةِ بعدَ البَيعِ للمُودَعِ؛ لأنَّه ضامِنٌ للمالِ حتى يُؤدِّيه إلى صاحبِه، ولأنَّه إذا ردَّ المالَ فقد طابَ له الرِّبحُ وليسَ عليه أنْ يَتصدَّقَ به.
قالَ الحَطابُ: ونصُّ «المُدوَّنة»: ومَن أودَعْته مالًا فاتَّجرَ به فالرِّبحُ له، وليسَ عليه أنْ يَتصدَّقَ بالرِّبحِ، ويُكرَه التِّجارةُ بالوَديعةِ.
قالَ أَبو الحَسنِ الصَّغيرُ: وكذلك الوَصيُّ يَتجرَ بمالِ الأَيتامِ أنَّ الرِّبحَ له، بخِلافِ المُبضِعِ معَه والمُقارِضِ.
قالَ عَبدُ الحَقِّ: الفَرقُ بينَهما أنَّ المُبضِعَ معَه والمُقارِضَ إنما دفَعَ المالَ إليهما على طَلبِ الفَضلِ فيه فليسَ لهما أنْ يَجعلا ذلك لأنفسِهما دونَ ربِّ المالِ، والمُودَعُ لمْ يَدخلْ على طَلبِ الفَضلِ وإنما أرادَ حِفظَها له، فله أَصلُ المالِ دونَ الرِّبحِ، صحَّ مِنْ «النُّكت» الشَّيخُ، والوَصيُّ أَيضًا إنما عليه حِفظُ مالِ اليَتيمِ انتهى.
وفي «المُدوَّنة» ومَن أبضَعَ معه ببِضاعةٍ يَشتري بها شَيئًا اتَّجرَ فيها فإنْ تلِفَت ضمِنَ وإنْ ربِحَ فالرِّبحُ للمالِكِ، بخِلافِ الوَديعةِ؛ لأنَّ المُبضِعَ طلَبَ الرِّبحَ، فليسَ للمُبضِعِ معَه قَطعُه عنه ونَقلُه إلى مِلكِه، فإنْ تلِفَ المالُ ضمِنَ بتَعدِّيه، والمُودِعُ إنما قصَدَ الحِفظَ فقط، فلمْ يَكنْ له مِنْ الرِّبحِ شيءٌ. انتهى.
وفي أَولِ كِتابِ القِراضَ مِنْ «المُنتقى» ما نصُّه: ولمْ يَختلفْ أَصحابُنا أنَّ المُبضِعَ معَه المالُ يَبتاعُ به لنَفسِه أنَّ صاحِبَ المالِ مُخيَّرٌ بينَ أنْ يَأخذَ ما