وقالَ القاضِي: يَضمنُ الكلَّ، وهو قَولُ الشافِعيِّ؛ لأنَّه خلَطَ الوَديعةَ بما لا يَتميزُ منها فضمِنَ الكلَّ كما لو خلَطَها بغيرِ البَدلِ، وقد ذكَرْنا فَرقًا بينَ البَدلِ وغيرِه فلا يَصحُّ القِياسُ (١).
وقالَ الزَّركشيُّ: قالَ (أي الخِرقيُّ): ومَن أُودِعَ شَيئًا فأخَذَ بعضَه ثُم ردَّه أو مثلَه فضاعَ الكلُّ، لزِمَه مِقدارُ ما أخَذَ.
ش: إذا أودَعَ إِنسانٌ إِنسانًا شَيئًا، فأخَذَ بعضَه ثُم ردَّه، فضاعَ الجَميعُ أو تلِفَ لزِمَه مِقدارُ ما أخَذَ فقط؛ لأنَّه القَدرُ الذي تَعدَّى فيه، هذا هو المَشهورُ مِنْ الرِّوايتينِ، حتى إنَّ القاضِي في تَعليقِه وأبا البَركاتِ وأبا مُحمدٍ في «الكافِي» و «المُغني» لم يَذكُروا غيرَها.
(والرِّوايةُ الثانِيةُ): يَضمنُ الجَميعَ، حَكاها صاحِبُ التَّلخيصِ وغيرُه؛ لأنَّها وَديعةٌ قد تَعدى فيها فضمِنَها، كما لو أخَذَ الجَميعَ، انتهى.
وإنْ لمْ يَردَّ ما أخَذَ بل ردَّ بَدلَه، فللأَصحابِ في ذلك طُرقٌ:
(إِحداها): أنَّه لا يَلزمُه إلا مِقدارُ ما أخَذَ، سَواءٌ كانَ البَدلُ مُتميزًا أو غيرَ مُتميزٍ، وهذا مُقتضى كَلامُ الخِرقيِّ، وبه قطَعَ القاضِي في التَّعليقِ، وذكَرَ نصَّ أَحمدَ على ذلك مِنْ رِوايةِ الجَماعةِ، وحَكي عنه مِنْ رِوايةِ الأَثرمِ أنَّه أنكَرَ القَولَ بتَضمينِ الجَميعِ، وأنَّه قالَ: إنَّه قَولُ سُوءٍ، وذلك لأنَّ الضَّمانَ مَنوطٌ بالتَّعدِّي، والتَّعدِّي إنما حصَلَ في المَأخوذِ، فيَختصُّ الضَّمانُ به.