للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الشافِعيةُ فأَجازوا أَخذَ الأُجرةِ على حِفظِ الوَديعةِ، لكن في حالةِ ما كانَ قَبولُها واجِبًا على المُستودَعِ.

قالوا: مَنْ وثِقَ بنفسِه استُحبَّ له قَبولُ الوَديعةِ إذا لمْ يَتعيَّنْ عليه، فإنْ لمْ يَكنْ ثمَّ غيرُه وجَبَ عليه كأداءِ الشَّهادةِ لكن بالأُجرةِ.

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: قالَ الرافِعيُّ: وهو مَحمولٌ على أَصلِ القَبولِ كما بيَّنَه السَّرخسِيُّ، دونَ إِتلافِ مَنفعتِه ومَنفعةِ حِرزِه في الحِفظِ بلا عِوضٍ، وقَضيتُه أنَّ له أنْ يَأخذَ أُجرةَ الحِفظِ كما يَأخذَ أُجرةَ الحِرزِ، ومَنعَه الفاروقِيُّ وابنُ أبي عَصرونَ؛ لأنَّه صارَ واجِبًا عليه، فأَشبَه سائِرَ الواجِباتِ، والمُعتمدُ الأَولُ كما هو ظاهِرُ كلامِ الأَصحابِ، وقد تُؤخذُ الأُجرةُ على الواجِبِ كما في سَقيِ اللَّبأِ (١) وكإِنقاذِ الغَريقِ وتَعليمِ نحوِ الفاتحَةِ (٢).

وأما الحَنابِلةُ فيَرونَ أنَّ الإِيداعَ إنما يَكونُ تَبرعًا بغَيرِ عِوضٍ، قالَ في «مُنتهى الإِراداتِ»: الوَديعةُ: المالُ المَدفوعُ إلى مَنْ يَحفظُه بلا عِوضٍ.

والإِيداعُ: تَوكيلٌ في حِفظِه تَبرعًا، والاستِيداعُ: تَوكيلٌ في حِفظِه كذلك -أي تَبرعًا- بغَيرِ تَصرُّفٍ فيه (٣).


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٢).
(٢) «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٠٣)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١٢٨).
(٣) «منتهى الإرادات» (٤/ ٢٣٣)، ويُنْظَر: «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>