للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأَمانةُ الشَّرعيةُ، كأنْ طيَّرَ نحوَ ريحٍ شيئًا إليه أو إلى مَحلِّه وعلِمَ به؛ لأنَّه مالٌ ضَائعٌ مُغايرٌ لحُكمِ الوَديعةِ، ولأنَّه لا يَصدُقُ على اللُّقطةِ والأَمانةِ الشَّرعيةِ الاستِحفاظُ -أيْ طَلبُ الحِفظِ مِنْ الغيرِ- ولا التَّوكلُ والتَّوكيلُ (١).

وأما الحَنابِلةُ فتَعدَّدت تَعريفاتُهم للوَديعةِ:

فقالَ في «مُنتهى الإِراداتِ»: الوَديعةُ: المالُ المَدفوعُ إلى مَنْ يَحفظُه بلا عِوضٍ.

والإِيداعُ: تَوكيلٌ في حِفظِه تبَرعًا، والاستِيداعُ: تَوكيلٌ في حِفظِه كذلك -أيْ تبَرعًا- بغيرِ تَصرُّفٍ فيه (٢).

وقالَ ابنُ مُفلحٍ: الوَديعةُ في الشَّرعِ: اسمٌ لعَينٍ تُوضَعُ عندَ آخرَ ليَحفظَها، فهي وَكالةٌ في الحِفظِ فيُعتبَرُ أَركانُها، والأَحسنُ أنها تَوكيلٌ في حِفظِ مَملوكٍ أو مُحتَرمٍ مُختصٍّ على وجهٍ مَخصوصٍ (٣).

وقالُ الرُّحيبانِيُّ: الوَديعةُ شَرعًا (المالُ) أو المُختصُّ -ككَلبِ الصيدِ- (المَدفوعُ) مِنْ جائزِ التَّصرفِ (إلى مَنْ) أيْ: إلى إِنسانٍ جائزِ التَّصرفِ (يَحفظُه)، فخرَجَ بقيدِ المالِ أو المُختصِّ الكلبُ الذي لا يُقتنَى والخَمرُ ونحوُهما مما لا يُحتَرمُ، وبقيدِ المَدفوعِ ما ألقتْهُ الرِّيحُ إلى دارٍ مِنْ نحوِ ثوبٍ وما أخَذَه بالتَّعدِّي، وبقيدِ الحفظِ العارِيةُ ونحوُها.


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ١٣١)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٩٩)، و «الديباج» (٣/ ١٠٦).
(٢) «منتهى الإرادات» (٤/ ٢٣٣)، ويُنْظَر: «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٣).
(٣) «المبدع» (٥/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>