للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يَخرجُ ما إذا وهَبَ لَبنًا في ضَرعٍ أو صُوفًا على ظَهرِ غَنمٍ؛ فإنَّه لا يَجوزُ؛ لأنَّ اتِّصالَ هذه الأَشياءِ كالشُّيوعِ؛ لأنَّ المَوهوبَ مُتصلٌ بما ليسَ بمَوهوبٍ، وهذا يَمنعُ صِحةَ القَبضِ، وكذلك لو وهَبَه من شَريكِه لا يَجوزُ؛ لعَدمِ إمكانِ القَبضِ، لكنْ لو جَزَّ الصُّوفَ وسلَّمَه إليه جازَ؛ لزَوالِ المانِعِ.

وعلى هذا إذا وهَبَ دابَّةً وعليها حِملٌ بدونِ الحِملِ لا تَجوزُ، ولو رفَعَ الحِملَ عنها وسلَّمَها فارِغةً جازَ؛ لمَا قُلنا، بخِلافِ هِبةِ ما في بَطنِ جاريتِه أو ما في بَطنِ غَنمِه أو ما في ضَرعِها، أو هِبةِ سَمنٍ في لَبنٍ أو دُهنٍ في سِمسِمٍ أو زَيتٍ في زَيتونٍ أو دَقيقٍ في حِنطةٍ فهو يَبطُلُ وإنْ سلَّطَه على قَبضِه عندَ الوِلادةِ أو عندَ استِخراجِ ذلك؛ لأنَّ المَوهوبَ هناك ليسَ مَحلَّ العَقدِ لكَونِه مَعدومًا؛ لهذا لم يَجزْ بَيعُها فلا تَجوزُ هِبتُها، وهنا بخِلافِه على ما تَقدَّمَ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: ولا تَصحُّ هِبةُ مَجهولٍ لا يَتعذَّرُ عِلمُه كالحَملِ في البَطنِ واللَّبنِ في الضَّرعِ والصُّوفِ على الظَّهرِ للجَهالةِ وتَعذُّرِ التَّسليمِ، ومتى أذِنَ رَبُّ شاةٍ لإِنسانٍ في جَزِّ الصُّوفِ وحَلبِ الشاةِ كانَ إِباحةً لصُوفِها ولَبنِها لا هِبةً، وإنْ وهَبَ دُهنَ سِمسِمِه -وهو الشَّيرجُ قبلَ عَصرِه- أو زَيتَ زَيتونِه أو جِفتَه قبلَ عَصرِهما لم يَصحَّ كاللَّبنِ في الضَّرعِ وأَولى لكُلفةِ الاعتِصارِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٢٥، ١٢٦)، و «الاختيار» (٣/ ٦٠)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٦٦، ٦٨)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٨٠).
(٢) «المبدع» (٥/ ٣٦٦)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>