للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفرقْ بينَ ما كانَ منها عَينًا أو دَينًا، ولا بينَ ما يَحتملُ القِسمةَ أو لا يَحتملُها، فوجَبَ بقَضيةِ الآيةِ جَوازُ هِبةِ المَشاعِ.

واحتَجُّوا على جَوازِ هِبةِ المَشاعِ بأنَّ وَفدَ هَوازنَ لمَّا جاؤُوا يَطلُبون من رَسولِ اللهِ أنْ يَردَّ عليهم ما غنِمَه منهم قالَ رَسولُ اللهِ : «أمَّا ما كانَ لي ولبَني عبدِ المُطلبِ فهو لكم» (١). وحَقُّه من ذلك مَشاعٌ لم يَتعيَّنْ.

وبما رَواه البُخاريُّ في بابِ هِبةِ الواحِدِ للجَماعةِ: وقالَت أسماءُ للقاسِمِ ابنِ مُحمدٍ وابنِ أبي عَتيقٍ: ورِثتُ عن أُختي عائِشةَ مالًا بالغابةِ وقد أعطاني به مُعاويةُ مِئةَ ألفٍ فهو لكما.

ثم رَوى عن سَهلِ بنِ سَعدٍ «أنَّ النَّبيَّ أُتيَ بشَرابٍ فشرِبَ وعن يَمينِه غُلامٌ وعن يَسارِه الأشياخُ، فقالَ للغُلامِ: إنْ أذِنتَ لي أعطَيتُ هؤلاء. فقالَ: ما كُنْتُ لأُوثِرَ بنَصيبي منك يا رَسولَ اللهِ أحدًا. فتَلَّه في يَدِه» (٢). فالنَّبيُّ سألَ الغُلامَ أنْ يَهبَ نَصيبَه من اللَّبنِ للأشياخِ، ومَعلومٌ أنَّ نَصيبَه منه لم يَكنْ مُميَّزًا، بل كانَ مَشاعًا في اللَّبنِ غيرَ مُتميِّزٍ ولا مُنفصلٍ في القَدحِ، ولا يُعرفُ ما كانَ يُشربُ مما كانَ يُتركُ للأشياخِ، ولأنَّه يَجوزُ بَيعُه جازَت هِبتُه (٣).


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢٦٩٤)، والنسائي (٣٦٨٨)، وأحمد (٦٧٢٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٦٢).
(٣) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ١٢٠، ١٢٢)، و «التمهيد» (٧/ ٢٣٨)، و «الكافي» (٥٢٩)، و «القوانين الفقهية» (٢٤١)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٣٤)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٢٩٧)، و «التاج والإكليل» (٥/ ١٨)، و «الإفصاح» (٢/ ٥٢، ٥٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٤٧)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦١، ٢٦٢)، و «المبدع» (٥/ ٣٦٦)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٠١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٨)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٨٨)، و «فتح الباري» (٥/ ٢٢٥، ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>