للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القَطانِ الفاسيُّ : وأجمَعوا على أنَّ حُكمَ الهِباتِ في المَرضِ الذي يَموتُ فيه الواهِبُ حُكمُ الوَصايا، ويَكونُ من الثُّلثِ إذا كانت مَقبوضةً (١).

وأجمَعوا على أنَّ المَريضَ إذا وهَبَ لرَجلٍ هِبةً وقبَضَها -وهي مما تَجوزُ فيه الهِباتُ- ثم برِئَ المَريضُ من مَرضِه ذلك أنَّه لا سَبيلَ له عليه، وعادَت بصِحتِه كأنَّه استَوهَب في الصِّحةِ، إلا اللَّيثَ بنَ سَعدٍ؛ فإنَّه قالَ: إنْ لم يُجدِّدْ تلك الهِبةَ في ذلك المَوهوبِ بطَلَت هِبتُه (٢).

وأجمَعَ الجُمهورُ الذين هُمْ حُجةٌ على مَنْ خالَفَهم أنَّ هِباتِ المَريضِ المُثقَلِ وصَدقاتِه لا يَنفُذُ منها إلا ما حمَلَه ثُلثُه، وقالَ داودُ: عَطاياه جائِزةٌ نافِذةٌ في مالِه كلِّه؛ لأنَّه ليسَ بوَصيةٍ، وإنَّما الوَصيةُ ما يُستحَقُّ بمَوتِ المُوصي (٣).

وقالَ القاضِي عبدُ الوَهابِ المالِكيُّ : هِباتُ المَريضِ وعَطاياه وعِتقُه وكلُّ ما يُخرجُه من مالِه على غيرِ مُعاوضةٍ مَوقوفٌ غيرُ مُتنجَّزٍ؛ فإنْ صَحَّ لزِمَه، وإنْ ماتَ كانَ من الثُّلثِ.

وقالَ داودُ: كلُّ ذلك جائِزٌ من رأسِ المالِ.

فدَليلُنا قَولُه : «إنَّ اللهَ جعَلَ لكم ثُلثَ أموالِكم عندَ مَوتِكم»، فأخبَرَ أنَّه ليسَ له إلا الثُّلثُ، فلم يُجِزْ زيادةً عليه، ولحَديثِ عِمرانَ


(١) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٦٣٧)، رقم (٣٢١٠).
(٢) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٦٣٧)، رقم (٣٢١٢).
(٣) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٦٣٨)، رقم (٣٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>