للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلك الهِباتُ والصَّدقاتُ؛ لأنَّها كلَّها سَواءٌ في تَفويتِ المالِ، ولأنَّه في هذه الحالةِ لا يأمَنُ المَوتَ فجُعلَ كحالِ المَوتِ؛ فإنْ صَحَّ من مَرضِه فالهِبةُ صَحيحةٌ بالاتِّفاقِ وكذا إنْ برِئَ ثم مرِضَ وماتَ فهو من رأسِ المالِ؛ لأنَّه ليسَ بمَرضِ المَوتِ.

وإنْ وهَبَ ما يُعتبَرُ قَبضُه وهو صَحيحٌ وأقبَضَه وهو مَريضٌ اعتُبِرَ من الثُّلثِ؛ لأنَّه لم يَلزمْ إلا بالقَبضِ الذي وُجدَ في المَرضِ (١).

وقالَ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ ما يُحدِثُه المَريضُ المَخوفُ عليه في مَرضِه الذي يَموتُ فيه من هِبةٍ لأجنَبيٍّ أو صَدقةٍ أو عِتقٍ أنَّ ذلك في ثُلثِ مالِه، وأنَّ ما جاوَزَ ثُلثَه من ذلك مَردودٌ غيرُ جائِزٍ إنفاذُه.

ودَلَّ خَبرُ عِمرانَ بنِ حُصَينٍ عن رَسولِ اللهِ في قِصةِ الرَّجلِ الذي أعتَقَ سِتةَ أعبُدٍ له عندَ مَوتِه فأعتَقَ اثنَين وأرَقَّ أربَعةً على مِثلِ ما أجمَعَ عليه أهلُ العِلم (٢).


(١) «فتاوى السغدي» (١/ ٥٢٠)، و «المحيط البرهاني» (٦/ ١٩٠)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٤٩٢)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٨١)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٨/ ١٤٥)، و «التمهيد» (٨/ ٣٧٧)، و «الكافي» ص (٥٣٠)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٤٥)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٣٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٩١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٠٣)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٩/ ١٩٨)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٥٢)، و «عمدة القاري» (٨/ ٩١)، و «الكافي» لابن قُدامةَ (٢/ ٤٨٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٩١).
(٢) «الإشراف» (٦/ ١٢٤)، و «الإجماع» (٧٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>