للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصلٌ: وظاهِرُ كَلامِ الخِرقيِّ أنَّ للمَرأةِ الرَّشيدةِ التَّصرفُ في مالِها كلِّه بالتَّبرعِ والمُعاوضةِ، وهذه إحدَى الرِّوايتَينِ عن أحمدَ، وهو مَذهبُ أَبي حَنيفةَ والشافِعيِّ وابنِ المُنذرِ.

وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخرى: ليسَ لها أنْ تَتصرَّفَ في مالِها بزِيادةٍ على الثُّلثِ بغيرِ عِوضٍ إلا بإذنِ زَوجِها، وبه قالَ مالِكٌ، وحُكي عنه في امرَأةٍ حلَفَت أنْ تُعتِقَ جاريةً ليسَ لها غَيرُها فحنَثَت ولها زَوجٌ فرَدَّ ذلك عليها زَوجُها، قالَ: له أنْ يَردَّ عليها وليسَ لها عِتقٌ؛ لمَا رُويَ «أنَّ امرَأةَ كَعبِ بنِ مالِكٍ أتَتِ النَّبيَّ بحُليٍّ لها فقالَ لها النَّبيُّ : «لا يَجوزُ للمَرأةِ عَطيةٌ حتى يأذَنَ زَوجُها، فهل استأذَنتِ كَعبًا؟» فقالَت: نَعمْ. فبعَثَ رَسولُ اللهِ إلى كَعبٍ فقالَ: «هل أذِنتَ لها أنْ تَتصدَّقَ بحُليِّها؟» قالَ: نَعمْ. فقبِلَه رَسولُ اللهِ » رَواه ابنُ ماجَه، رُويَ أيضًا عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ في خُطبةٍ خطَبَها: «لا يَجوزُ لامرَأةٍ عَطيةٌ في مالِها إلا بإذنِ زَوجِها؛ إذْ هو مالِكُ عِصمتِها» (١). رَواه أبو داودَ ولَفظُه عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا يَجوزُ لامرأةٍ عَطيةٌ إلا بإذنِ زَوجِها»، ولأنَّ حَقَّ الزَّوجِ مُتعلِّقٌ بمالِها؛ فإنَّ النَّبيَّ قالَ: «تُنكحُ المَرأةُ لمالِها وجَمالِها ودِينِها»، والعادةُ أنَّ الزَّوجَ يَزيدُ في مَهرِها من أجلِ مالِها ويَتبسَّطُ فيه ويَنتفعُ به، فإذا أعسَرَ بالنَّفقةِ أنظَرتْه فجَرى ذلك مجرَى حُقوقِ الوَرثةِ المُتعلقةِ بمالِ المَريضِ.


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>