للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشِبهِه جازَ، ثم إذا انفسَخَت الهِبةُ بحُكمِ الحاكِمِ أو بالتَّراضي عادَت إلى مِلكِ الواهِبِ، والقَبضُ لا يُعتبَرُ في انتِقالِ المِلكِ كما لا يُعتبَرُ في البَيعِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَصحُّ الاعتِصارُ -أي: الرُّجوعُ- بكلِّ لَفظٍ يَدلُّ على استِرجاعِ الهِبةِ من وَلدٍ له، سَواءٌ كانَ بلَفظِ الاعتِصارِ أو غيرِه، ولا يُشترطُ لَفظُ الاعتِصارِ على الأظهَرِ لعَدمِ مَعرفةِ العامةِ له غالِبًا، وليسَ في الحَديثِ ما يَدلُّ على شَرطِ لَفظِ الاعتِصارِ، وهو قَولُ النَّبيِّ : «لا يَحلُّ لرَجلٍ أنْ يُعطيَ عَطيةً أو يَهبَ هِبةً فيَرجعَ فيها إلا الوالِدَ فيما يُعطي وَلدَه» (٢) (٣).

وقالَ الشافِعيةُ: يَحصلُ الرُّجوعُ ب «رجَعتُ فيما وهَبتُ أو استَرجعتُه أو ردَدتُه إلى مِلكي أو نقَضتُ الهِبةَ» أو نَحوِ ذلك، ك «أبطَلتُها وفسَختُها» وكلُّ هذه صَرائِحُ.

ويَحصلُ بالكِنايةِ مع النِّيةِ ك «أخَذتُه وقبَضتُه» وكلُّ ما يَحصلُ به رُجوعُ البائعِ بعدَ فَلسِ المُشتَري يَحصلُ به الرُّجوعُ هنا.

والمَوهوبُ بعدَ الرُّجوعِ فيه من غيرِ استِردادٍ له أمانةٌ في يَدِ الوَلدِ.


(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ٨٤، ٨٥)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٦١)، و «الهندية» (٤/ ٣٨٦).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي (١٢٩٨)، والنسائي (٣٩٦٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٥١٢٣)، والإمام أحمد في «مسنده» (٢١١٩).
(٣) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥١١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>