مَريئًا، ألا تَرى أنَّ ما وهَبَه أزواجُ النَّبيِّ ﷺ له من أيامِهنَّ ولياليهِنَّ، وأنْ يُمرَّضَ في بَيتِ عائِشةَ لم يَكنْ لهُنَّ فيه رُجوعٌ؛ لأنَّه كانَ عن طِيبِ نَفسٍ منهُنَّ لا عن عِوضٍ.
واختَلَفوا فيما وهَبَ أحدُ الزَّوجَين لصاحِبِه، هل يَحتاجُ إلى حِيازةٍ وقَبضٍ؟ فقالَ ابنُ أَبي ليلَى والحَسنُ البَصريُّ: الصَّدقةُ جائِزةٌ وإنْ لم يَقبِضْها.
وقالَ النَّخعيُّ وقَتادةُ: ليسَ بينَ الزَّوجَين حِيازةٌ. وقالَ ابنُ سِيرينَ وشُرَيحٌ ومَسروقٌ والشَّعبيُّ: لا بدَّ في ذلك من القَبضِ، وهو قَولُ الثَّوريِّ والكُوفيِّين والشافِعيِّ وهي رِوايةُ أشهَبَ عن مالِكٍ، قالَ مالِكٌ: إنَّ ما وهَبَ الرَّجلُ لامرَأتِه والمَرأةُ لزَوجِها وهو في أيدِيهما كما كانَ، حَوزٌ ضَعيفٌ لا يَصحُّ.
وله قَولٌ آخَرُ، رَوى ابنُ القاسِمِ عن مالِكٍ في «العُتْبية» في الرَّجلِ يَهبُ لامرأتِه خادِمًا ولا يُخرجُها عن البَيتِ الذي هما فيه، ويَهبُها دارًا يَسكنانها أو تَهبُ له ذلك أنَّ ذلك جائِزٌ للمَرأةِ، ورَوى عِيسى عن ابنِ القاسِمِ في الرَّجلِ يَهبُ لامرأتِه دارًا يَسكنانها ثم يَسكنانِ بعدَ ذلك فيها، أو المَرأةُ تَفعلُ مِثلَ ذلك ففرَّقَ بينَهما، قالَ: إذا كانَ الزَّوجُ هو الواهِبَ فالصَّدقةُ غيرُ تامةٍ؛ لأنَّ عليه أنْ يُسكنَ زَوجتَه، فكأنَّه هو مُسكنُها، فإذا كانَت المَرأةُ هي الواهِبةَ فالصَّدقةُ جائِزةٌ؛ لأنَّه يَسكنُ ما حَوزُه لنَفسِه (١).