للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذلك قَلَّدناها واقتَدَينا بها، وجَميعُ ما بَيَّنَّا في هذا البابِ قَولُ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ ومُحمدٍ رَحمةُ اللهِ عليهم أجمَعينَ (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا وهَبَ أحدُ الزَّوجَينَ لصاحِبِه مَتاعًا من مَتاعِه؛ فإنَّ الهِبةَ نافِذةٌ صَحيحةٌ وإنْ لم يَرفعْ يدَه عن هِبتِه للضَّرورةِ، وإذا طلَبَ الواهِبُ منهما الثَّوابَ على هِبتِه فلا يُصدَّقُ في أنَّه وهَبَ للثَّوابِ لقَضاءِ العُرفِ على نَفيِ الثَّوابِ في ذلك؛ لأنَّ الشأنَ قَصدُ كلِّ واحدٍ منهما عندَ الهِبةِ للآخَرِ التَّعاطُفَ والتَّواصلَ، إلا أنْ يَشترطَ أحدُهما عندَ الهِبةِ للآخَرِ الإِثابةَ أو تَقومَ قَرينةٌ على قَصدِها أو يَجريَ العُرفُ بها؛ فإنَّه يُصدَّقُ ويَأخذُ ما ادَّعاه من الثَّوابِ.

وهذا في غيرِ المَسكوكِ من الذَّهبِ والفِضةِ، وأمَّا هو فلا يُصدَّقُ إلا لشَرطٍ أو عُرفٍ فيُعملُ به.

قالَ في «المُدوَّنة»: لا يُقضى بينَ الزَّوجَين بالثَّوابِ في الهِبةِ، ولا بينَ والِدٍ ووَلدِه إلا أنْ يَظهرَ ابتِغاءُ الثَّوابِ بينَهم، مِثلَ أنْ تَكونَ للمَرأةِ جاريةٌ فارِهةٌ فطلَبَها منها زَوجُها وهو مُوسِرٌ فأعطَته إِياها، تُريدُ بذلك استِغزارَ صِلتِه، والرَّجلُ كذلك يَهبُ لامرأتِه، والابنُ لأبيه مما يَرى أنَّه أرادَ بذلك استِغزارَ ما عندَ أبيه؛ فإنْ كانَ مِثلُ ذلك مما يَرى الناسُ أنَّه وَجهُ ما طُلبَ في هِبتِه ففي ذلك الثَّوابُ؛ فإنْ أثابَه وإلا رجَعَ كلُّ واحدٍ منهما في هِبتِه، وإنْ لم يَكنْ وَجهُ ما ذكَرنا فلا ثَوابَ بينَهما (٢).


(١) «شرح معاني الآثار» (٤/ ٨٣، ٨٤).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥١٩)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١١٨) «مواهب الجليل» (٨/ ٢٤)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٢٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٢٣٤)، و «منح الجليل» (٨/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>