للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أعمَرتُك، أو أسكَنتُك هذه الدارَ سَنةً أو عَشرًا، أو حَياتي»، كانَت على ما أَعطَى، وإنْ أطلَقَ ولم يُقيِّدْ كانَ مَحمَلُه على عُمرِ المُعطِي، وإنْ عقَّبَها فقالَ: «أعمَرتُكها، أو أسكَنتُكها أنتَ وعَقِبَك» لم تَرجعْ إليه حتى يَنقرضَ العَقِبُ.

ورَجعتِ العُمرَى -بمَعنى الشَّيءِ المُعمَرِ- إذا ماتَ المُعمَرُ مِلكًا للمُعمِرِ أو وارِثِه إنْ مات، والمُرادُ وارِثُه يَومَ مَوتِ المُعمَرِ، لا وارِثُه يَومَ المَرجوعِ.

والعُمرَى كالهِبةِ في الحَوزِ، بمَعنى أنَّ حَوزَها قبلَ المانعِ شَرطٌ في تَمامِها فتَلزمُ بالقَولِ ويُجبَرُ المُعمِرُ على دَفعِها للمُعمَرِ ليَحوزَها؛ فإنْ حصَلَ المانِعُ للمُعمِرِ قبلَ أنْ يَحوزَها المُعمَرُ بطَلَت إنْ لم يَحصُلْ من المُعمَرِ جِدُّ في طَلبِها قبلَ المانعِ.

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : ولا يَملكُ بلَفظِ العُمرَى والإِعمارِ عندَ مالِكٍ رَقبةَ شَيءٍ من العَطايا، وإنَّما ذلك عندَه كلَفظِ السُّكنَى والإِسكانِ سَواءٌ لا يَملكُ بذلك إلا المَنافعَ دونَ الرِّقابِ، وهي أَلفاظٌ عندَهم لا يَملكُ بها الرِّقابَ وإنَّما يَملكُ بها المَنافعَ، منها العُمرَى والسُّكنَى والعارِيةُ والإِطراقُ والمِنحةُ والإِحبالُ والإِفقارُ وما كانَ مِثلَها.

قالَ أَبو إِسحاقَ الحَربيُّ: سمِعتُ ابنَ الأعرابيِّ يَقولُ: لم تَختلِفِ العَربُ في أنَّ هذه الأَسماءَ على مِلكِ أربابِها، وأنَّ مَنافِعَها لمَن جُعلَت له العُمرَى والرُّقبَى والإِفقارُ والإِحبالُ والعَريةُ والسُّكنَى والإِطراقُ (١).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>