للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبدِ الرَّحمنِ بنِ القاسِمِ أنَّه سمِعَ مَكحولًا الدِّمشقيَّ يَسألُ القاسِمَ ابنَ مُحمدٍ عن العُمرَى وما يَقولُ الناسُ فيها، فقالَ القاسِمُ بنُ مُحمدٍ: «ما أدرَكتُ الناسَ إلا وهُم على شُروطِهم في أَموالِهم، وفيما أعطَوْا» (١).

قالَ يَحيى : سمِعتُ مالِكًا يَقولُ: وعلى ذلك الأمرِ عندَنا: أنَّ العُمرَى تَرجعُ إلى الذي أعمَرَها، إذا لم يَقُلْ: «هي لك ولعَقِبِك» (٢).

وقالَ الزَّرقانِيُّ : إذا قالَ: «هي لك ما عِشتَ، فإذا مِتَّ رجَعَت إلَيَّ»، فهذه عارِيةٌ مُؤقَّتةٌ وهي صَحيحةٌ، فإذا ماتَ رجَعَت إلى المُعطي، وقد بيَّنَت هذه والتي قبلَها رِوايةُ الزُّهريِّ، وبه قالَ أكثَرُ العُلماءِ ورجَّحَه جَماعةٌ من الشافِعيةِ، والأصَحُّ عندَ أكثَرِهم: لا تَرجعُ، وقالوا: إنَّه شَرطٌ فاسِدٌ مُلغًى والحَديثُ يَردُّ عليهم (٣).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الجَديدِ والحَنابِلةُ في ظاهِرِ المَذهبِ إلى أنَّها تَكونُ للمُعمَرِ ولوَرثتِه، ويَسقُطُ الشَّرطُ للأَحاديثِ الصَّحيحةِ المُطلَقةِ التي ذكَرناها، كقَولِه : «لا تُعمِروا ولا تُرقِبوا، فمَن أُعمرَ شَيئًا أو أُرقبَه فهو له حَياتَه ومَماتَه» (٤)؛ وفي حَديثِ جابِرٍ قالَ: قالَ


(١) رواه مالك في «الموطأ» (١٤٤٢).
(٢) «الموطأ» (٢/ ٧٥٦).
(٣) «شرح الزرقاني على الموطأ» (٤/ ٦١)، ويُنظَرُ: «الاستذكار» (٧/ ٣٢٨، ٣٢٩).
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: أخرجه النسائي (٢/ ١٣٦)، وأبو داود (٣٥٥٦)، والطحاوي (٢/ ٢٤٨)، و «البيهقي» (٦/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>