للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَياتِه ولوَرثتِه بعدَ مَوتِه أو تَكونُ له في حَياتِه فإذا ماتَ تَرجِعُ إلى المُعطي أو تَكونُ العَطيةُ فاسِدةً؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الجَديدِ وهو الصَّحيحُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّها هِبةٌ أيضًا، وهي للمُعمَرِ حَياتَه ولوَرثتِه بعدَ مَوتِه، ولا تَرجعُ إلى المُعطِي لقَولِه : «لا تُعمِروا ولا تُرقِبوا، فمَن أُعمِرَ شَيئًا أو أُرقبَه فهو له حَياتَه ومَماتَه» (١).

وفي صَحيحِ مُسلمٍ عن جابِرٍ قالَ: «أعمَرتِ امرأةٌ بالمَدينةِ حائِطًا لها ابنًا لها، ثم تُوفِّي وتُوفِّيت بعدَه، وترَكت وَلدًا وله إخوةٌ بَنونَ للمُعمِرةِ، فقالَ وَلدُ المُعمِرةِ: رجَعَ الحائِطُ إلينا، وقالَ بَنو المُعمَرِ: بل كانَ لأبينا حَياتَه ومَوتَه. فاختَصَموا إلى طارِقٍ مَولى عُثمانَ، فدَعا جابِرًا فشهِدَ على رَسولِ اللهِ بالعُمرَى لصاحِبِها فقَضى بذلك طارِقٌ، ثم كتَبَ إلى عبدِ المَلِكِ فأخبَرَه ذلك وأخبَرَه بشَهادةِ جابِرٍ، فقالَ عبدُ المَلِكِ: صدَقَ جابِرٌ، فأمضى ذلك طارِقٌ، فإنَّ ذلك الحائِطَ لبَني المُعمَرِ حتى اليَومِ» (٢).

وعن جابِرٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «أمسِكوا عليكم أَموالَكم ولا تُفسِدوها؛ فإنَّه مَنْ أعمَرَ عُمرى فهي للذي أُعمِرَها حَيًّا ومَيِّتًا ولعَقِبِه» (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: أخرجه النسائي (٢/ ١٣٦)، وأبو داود (٣٥٥٦)، والطحاوي (٢/ ٢٤٨)، والبيهقي (٦/ ١٧٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٢٥).
(٣) أخرجه مسلم (١٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>