للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه كَبشَينِ وشَيئًا من أقِطٍ وشَيئًا من سَمنٍ، قالَ: فقالَ رَسولُ اللهِ : «خُذِ الأقِطَ والسَّمنَ وأحدَ الكَبشَينِ ورُدَّ عليها الآخَرَ» (١). ففي هذا أنَّ النَّبيَّ لم يَقبَلِ الجَميعَ (٢).

ويُفهمُ من كَلامِ المالِكيةِ عَدمُ اشتِراطِ مُطابقةِ القَبولِ للإِيجابِ.

قالَ الإمامُ القَرافِيُّ : الفَرقُ الرابِعُ والعِشرونَ بينَ قاعِدةِ ما تُؤثَرُ فيه الجَهالاتُ والغَررُ وقاعِدةُ ما لا يُؤثَرُ فيه ذلك من التَّصرُّفاتِ:

ورَدَت الأَحاديثُ الصَّحيحةُ في نَهيِه عن بَيعِ الغَررِ وعن بَيعِ المَجهولِ، واختَلفَ العُلماءُ بعدَ ذلك، فمنهم مَنْ عمَّمَه في التَّصرُّفاتِ وهو الشافِعيُّ، فمنَعَ من الجَهالةِ في الهِبةِ والصَّدقةِ والإِبراءِ والخُلعِ والصُّلحِ وغيرِ ذلك.

ومنهم مَنْ فصَّلَ -وهو مالِكٌ- بينَ قاعِدةِ ما يُجتنَبُ فيه الغَررُ والجَهالةُ وهو بابُ المُماكَساتِ والتَّصرُّفاتِ المُوجبةِ لتَنميةِ الأَموالِ وما يُقصَدُ به تَحصيلُها، وقاعِدةِ ما لا يُجتنَبُ فيه الغَررُ والجَهالةُ، وهو ما لا يُقصدُ لذلك، وانقسَمَت التَّصرُّفاتُ عندَه إلى ثَلاثةِ أَقسامٍ: طَرَفانِ وواسِطةٌ، فالطَّرفانِ أحدُهما: مُعاوَضةٌ صِرفةٌ فيُجتنَبُ فيها ذلك، إلا ما دعَت


(١) رواه الإمام أحمد في «مسنده» (١٧٥٨٤، ١٧٥٩٩)، وقالَ الهيثمي في «المجمع» (٩/ ٦): رَواه أحمدُ ورِجالُه رِجالُ الصَّحيحِ.
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٤١، ٥٤٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٨٨)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٥٦٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٦٥، ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>