للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَكحولٌ قالا: كُلْ، فهذا عِندي من مالِ السُّلطانِ، كما قالَ علِيٌّ : بَيتُ المالِ يَدخلُه الخَبيثُ والطَّيبُ، فيَصلُ إلى الرَّجلِ فيَأكلُ منه، فأمَّا حَلالٌ وحَرامٌ من مِيراثٍ، أو أفادَ ذلك رَجلٌ مالًا؛ فإنَّه يُردُّ على أَصحابِه؛ فإنْ لم يَعرفْهم ولم يَقدرْ عليهم تصدَّقَ به، قالَ بَعضُهم:؛ لأنَّ بَيتَ المالِ لا مُستحِقَّ له مُعيَّنًا حتى يُردَّ عليه، ولعُمومِ البَلوى به، وامتنَعَ جَماعةٌ من التابِعينَ فمَن بعدَهم من بَيتِ المالِ، وعلَّله بعضُ السَّلفِ بأنَّ بَقيةَ المُستحِقينَ لم يَأخُذوا، قالَه ابنُ الجَوزيِّ.

قالَ: وليسَ بشَيءٍ؛ لأنَّه يَأخذُ حَقَّه ويَبقى حَقُّ أولئك مَقامًا مَعلومًا في مَقامٍ مَظلومٍ، وليسَ المالُ مُشتَرَكًا، وقبِلَ منه ابنُ عُمرَ وابنُ عباسٍ وعائِشةُ والحَسنُ والحُسينُ وعبدُ اللهِ بنُ جَعفرٍ وجَماعةٌ من التابِعين وغيرِهم، ومالِكٌ والشافِعيُّ، وسُئلَ عُثمانُ عن جَوائزِ السُّلطانِ فقالَ: لَحمُ ظَبيٍ زَكيٌّ. قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: وكانَ الشَّعبيُّ والنَّخَعيُّ والحَسنُ وأَبو سَلمةَ ابنُ عبدِ الرَّحمنِ وأبانُ بنُ عُثمانَ والفُقهاءُ السَّبعةُ سِوى سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ يَقبَلون جَوائزَ السُّلطانِ، وكانَ الثَّوريُّ مع وَرعِه وفَضلِه يَقولُ: هي أحَبُّ إلَيَّ من صِلةِ الإِخوانِ.

ومن دفَعَ جائزَتَه إلى آخَرَ فعندَ أحمدَ لا يُكرهُ للثاني؛ لأنَّه إنَّما كُرهَ للأَولِ للمُحاباةِ (١).


(١) «الفروع» (٢/ ٥٠٤، ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>