فلا يَتوجَّهُ إِطلاقُ الحُكمِ فيه، لكنْ خرَجَ الكَلامُ على الغالِبِ، والغالِبُ أنَّ فيه حَلالًا وحَرامًا، وفيه الخِلافُ المَشهورُ السابِقُ، فلهذا كثُرَ الاختِلافُ فيه، قالَ جَماعةٌ من أَصحابِنا: يَجوزُ العَملُ مع السُّلطانِ وقَبولُ جَوائزِه، وقيَّدَه في «التَّرغيبِ» بالعادِلِ، وقيَّدَه في «التَّبصِرةِ» بمَن غلَبَ عَدلُه، وأنَّها تُكرَهُ في رِوايةٍ، وقيلَ للإمامِ أحمدَ في جائزتِه ومُعامَلتِه فقالَ أكرَهُهما، وجائِزتُه أحَبُّ إلَيَّ من الصَّدقةِ، وقالَ: هي خَيرٌ من صِلةِ الإِخوانِ، وأُجرةُ التَّعليمِ خَيرٌ منهما، ذكَرَه شَيخُنا، وقالَ أيضًا: ليسَ بحَرامٍ، وقالَ أيضًا: يَموتُ بدِينِه ولا يَعملُ معهم، وقالَ بهِجرانِه ويُخرجُه إنْ لم يَنتَهِ، وهجَرَ أحمدُ أَولادَه وعَمَّه وابنَ عَمِّه لمَّا أخَذوها، قالَ القاضِي: وهو يَقتَضي جَوازَ الهَجرِ بأَخذِ الشُّبهةِ، وإنَّما أجازَه لأنَّ الصَّحابةَ ﵃ هجَرَت بما في مَعناه كهَجرِ ابنِ مَسعودٍ مَنْ ضحِكَ في جِنازةٍ، وحُذيفةَ بشَدِّ الخَيطِ للحِمَى، وأمَرَ عُمرُ بهَجرِ صَبيغٍ بسُؤالِه عن الذَّارياتِ والمُرسَلاتِ والنازِعاتِ.
وقالَ ابنُ الزُّبيرِ:«لتَنتَهِ عائِشةُ أو لَأحجُرنَّ عليها»، فهجَرَته.
وقالَ الخَلالُ: كأنَّ أَحمدَ توسَّعَ على مَنْ أخَذَها لحاجةٍ، فلمَّا أخَذوها مع الاستِغناءِ هجَرَهم ثم كلَّمَهم، وهو عندي على غيرِ قَطعِ المُصارَمةِ؛ لأنَّهم -وإنِ استَغنَوْا- لهم حُجةٌ قَويةٌ.
وقيلَ لأحمدَ: تَرى أنْ يُعيدَ مَنْ حَجَّ من الدِّيوانِ؟ قالَ: نَعَمْ. وكذا كرِهَ مُعامَلةَ الجُنديِّ وإِجابةَ دَعوتِه، ومُرادُه من يَتناولُ الحَرامَ، الظالِمُ، ونقَلَ عبدُ اللهِ بنُ مُحمدٍ فورانَ عن أحمدَ في المالِ الحَلالِ والحَرامِ، فالزُّهريُّ