للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه الكَراهةُ تعلَّقَ به الوُجوبُ لمَا يَلزمُه من الطَّهارةِ للصَّلاةِ، وقَولُه في آخِرِ المَسألةِ: «وأَرجو أنْ يَكونَ تَركُ السُّؤالِ واسِعًا في المَوضعِ الذي يَتعذَّرُ فيه الماءُ» يَدلُّ على أنَّه لا سَعةَ له عندَه في تَركِ السُّؤالِ في المَوضِعِ الذي يَكثُرُ فيه الماءُ بَيانُ ما قُلناه. وفي سَماعِ أشهَبَ من معنى هذه المَسألةِ ما فيه بَيانٌ لها، وباللهِ التَّوفيقُ (١).

واستدَلَّ العُلماءُ على جَوازِ سُؤالِ الهِبةِ بما رَواه البُخاريُّ عن أَبي سَعيدٍ قالَ: انطلَقَ نَفرٌ من أَصحابِ النَّبيِّ في سَفرةٍ سافَروها حتى نزَلوا على حَيٍّ من أَحياءِ العَربِ فاستَضافوهم فأبَوْا أنْ يُضيِّفوهم، فلُدِغَ سَيِّدُ ذلك الحَيِّ فسعَوْا له بكلٍّ شَيءٍ لا يَنفعُه شَيءٌ، فقالَ بَعضُهم: لو أتَيتُم هؤلاء الرَّهطِ الذين نزَلوا، لعَلَّه أنْ يَكونَ عندَ بَعضِهم شَيءٌ. فأتَوْهم فقالوا: يا أيُّها الرَّهطُ، إنَّ سَيِّدَنا لُدغَ وسعَيْنا له بكلِّ شَيءٍ لا يَنفعُه، فهل عندَ أحدٍ منكم من شَيءٍ؟ فقالَ بَعضُهم: نَعَمْ، واللهِ إنِّي لَأرقي، ولكنْ واللهِ لقد استَضفْناكم فلم تُضيِّفونا، فما أنا بِراقٍ لكم حتى تَجعَلوا لنا جُعلًا. فصالَحوهم على قَطيعٍ من الغَنمِ، فانطلَقَ يَتفِلُ عليه ويَقرأُ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فكأنَّما نشطَ من عِقالٍ، فانطلَقَ يَمشي وما به قَلَبةٌ، قالَ: فأوفَوْهم جُعلَهم الذي صالَحوهم عليه. فقالَ بَعضُهم: اقسِموا. فقالَ الذي رقَى: لا تَفعَلوا حتى نأتيَ النَّبيَّ فنَذكرَ له الذي كانَ، فنَنظرَ ما يَأمرُنا. فقَدِموا على رَسولِ اللهِ فذكَروا له، فقالَ: وما يُدريكَ


(١) «البيان والتحصيل» (١/ ٤٥، ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>