للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُها: أنْ يَشفعَ في مَحظورٍ من إِسقاطِ حَقٍّ أو مَعونةٍ على ظُلمٍ، فهو في الشَّفاعةِ ظالِمٌ وبقَبولِ الهَديةِ عليها آثِمٌ.

والقِسمُ الثاني: أنْ يَشفعَ في حَقٍّ يَجبُ عليه القيامُ به، فالشَّفاعةُ مُستحَقةٌ عليه، والهَديةُ عليه مَحظورةٌ؛ لأنَّ لَوازمَ الحُقوقِ لا يُستعجَلُ عليها.

والقِسمُ الثالِثُ: أنْ يَشفعَ في مُباحٍ لا يَلزمُه، فهو بالشَّفاعةِ مُحسِنٌ لمَا فيها من التَّعاونِ، وقد رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «اشفَعوا إلَيَّ، ويَقضي اللهُ على لِسانِ رَسولِه ما يَشاءُ»، وللهَديةِ على هذه الشَّفاعةِ ثَلاثُ حالاتٍ:

إِحداها: أنْ يَشترطَها الشافِعُ، فقَبولُها مَحظورٌ عليه؛ لأنَّه يَستعجِلُ على حَسنٍ قد كانَ منه.

والحالةُ الثانيةُ: أنْ يَقولَ المُهدِي: «هذه الهَديةُ جَزاءٌ على شَفاعَتِك» فقَبولُها مَحظورٌ عليه كما لو شرَطها؛ لأنَّها لمَّا جُعِلت جَزاءً صارَت كالشَّرطِ.

والحالةُ الثالِثةُ: أنْ يُمسِكَ الشافِعُ عن اشتِراطِها ويُمسِكَ المُهدِي عن الجَزاءِ بها؛ فإنْ كانَ مُهاديًا قبلَ الشَّفاعةِ لم يُمنعِ الشافِعُ من قَبولِها ولم يُكرَهْ له القَبولُ، وإنْ كانَ غيرَ مُهادٍ قبلَ الشَّفاعةِ كُرهَ له القَبولُ وإنْ لم يَحرُمْ عليه؛ فإنْ كافَأ عليها لم يُكرهُ له القَبولُ (١).


(١) «الحاوي الكبير» (١٦/ ٢٨٢، ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>