للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ عن الصَّدقةِ والهَديةِ أيُّهما أفضَلُ؟

فأجابَ: الحَمدُ للهِ، «الصَّدقةُ» ما يُعطى لوَجهِ اللهِ عِبادةً مَحضةً من غيرِ قَصدٍ في شَخصٍ مُعيَّنٍ ولا طَلبِ غَرضٍ مِنْ جِهتِه، لكنْ يُوضعُ في مَواضعِ الصَّدقةِ كأهلِ الحاجاتِ.

وأمَّا «الهَديةُ» فيُقصدُ بها إِكرامُ شَخصٍ مُعيَّنٍ إمَّا لمَحبةٍ وإمَّا لصَداقةٍ وإمَّا لطَلبِ حاجةٍ، ولهذا كانَ النَّبيُّ يَقبلُ الهَديةَ ويُثيبُ عليها، فلا يَكونُ لأحدٍ عليه مِنةٌ ولا يَأكلُ أَوساخَ الناسِ التي يَتطهَّرونَ بها من ذُنوبِهم وهي الصَّدقاتُ، ولم يَكنْ يَأكلُ الصَّدقةَ لذلك وغيرِه.

وإذا تَبيَّنَ ذلك فالصَّدقةُ أفضلُ، إلا أنْ يَكونَ في الهَديةِ مَعنًى تَكونُ به أفضلَ من الصَّدقةِ، مِثلَ الإِهداءِ لرَسولِ اللهِ في حَياتِه مَحبةً له، ومِثلَ الإهداءِ لقَريبٍ يَصِلُ به رَحمَه وأخٍ له في اللهِ، فهذا قد يَكونُ أَفضلَ من الصَّدقةِ (١).

وقالَ ابنُ عابدينَ : الفَرقُ بينَ الصَّدقةِ والهِبةِ أنَّ الصَّدقةَ يُرادُ بها وَجهُ اللهِ تَعالى، ويُرادُ بالهِبةِ وَجهُ الغَنيِّ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ ملَّك بلا عِوضٍ مُحتاجًا شَيئًا لأجلِ ثَوابِ الآخِرةِ فصَدقةٌ، أي: فلا بدَّ من اجتِماعِ الأمرَينِ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١، ٢٦٩).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>