للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ البُهوتيُّ : وأَنواعُ الهِبةِ صَدقةٌ وهَديةٌ ونِحلةٌ -وهي العَطيةُ- ومَعانيها مُتقاربةٌ، وكلُّها تَمليكٌ في الحياةِ بلا عِوضٍ تَجري فيها أَحكامُها -أي: الأَحكامُ لكلِّ واحِدةٍ من هذه المَذكوراتِ تَجري في البَقيةِ-؛ فإن قصَدَ بإِعطائِه ثَوابَ الآخِرةِ فقط فصَدقةٌ، وإنْ قصَدَ بإِعطائِه إِكرامًا أو تَودُّدًا أو مُكافأةً فهَديةٌ، وإنْ لم يَقصدْ بإِعطائِه شَيئًا مما ذُكرَ فهِبةٌ وعَطيةٌ ونِحلةٌ، وهي -أي المَذكوراتُ من صَدقةٍ وهَديةٍ وعَطيةٍ- مُستحبةٌ إذا قُصدَ بها وَجهُ اللهِ تَعالى، كالهِبةِ للعُلماءِ والفُقراءِ والصالِحينَ وما قُصدَ به صِلةُ الرَّحمِ، ولا تُستحبُّ إنْ قُصدَ بها مُباهاةٌ أو رِياءٌ أو سُمعةٌ فتُكرهُ؛ لقَولِه : «مَنْ يُسمِّعْ يُسمِّعِ اللهُ بهِ، ومَنْ يُراءِ يُراءِ اللهُ بهِ» (١) مُتفقٌ عليه (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : الهِبةُ والهَديةُ وصَدقةُ التَّطوعِ أنواعٌ من البِرِّ مُتقاربةٌ يَجمعُها تَمليكُ عَينٍ بلا عِوضٍ؛ فإن تَمحَّضَ فيها طَلبُ التَّقرُّبِ إلى اللهِ تَعالى بإِعطاءِ مُحتاجٍ فهي صَدقةٌ، وإنْ حُملَت إلى مَكانِ المُهدَى إليه إِعظامًا وإِكرامًا وتَودُّدًا فهي هَديةٌ، وإلا فهِبةٌ، فكلُّ هَديةٍ وصَدقةِ تَطوعٍ هِبةٌ، ولا يَنعكسُ، ولهذا لو حلَفَ لا يَهبُ فتَصدقَ حنَثَ، وبالعَكسِ لا يَحنثُ (٣).


(١) أخرجه البخاري (٦١٣٤)، ومسلم (٢٩٨٧).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٠).
(٣) «تحرير ألفاظ التنبيه» (٢٤٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٧٩، ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>