للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ الفَقهاءَ اختلَفُوا فيما لو ردَّ العينَ المُعارةَ إلى زَوجةِ المُعيرِ أو إلى أَولادِه أو إلى المَكانِ الذي أخذَها منه.

على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ.

قالَ الحَنفيةُ في الاستِحسانِ وهو أيضًا قولُ المالِكيةِ: إنْ ردَّ المُستَعيرُ الدابَّةَ معَ خادمِه أو بعضِ مَنْ هو في عِيالِه، أو ردَّها معَ عبدِ المُعيرِ أو خادِمه، أو ردَّها بنَفسِه إلى بيتِ المالكِ فلا ضَمانَ عليه إنْ عطَبَت؛ لأنَّ يدَ مَنْ هو في عِيالِه في الردِّ كيدِه، كما أنَّ يدَ مَنْ في عِيالِه في الحِفظِ كيدِه، والعُرفُ الظاهرُ أنَّ المُستَعيرَ يَردُّ المُستعارَ بيدِ مَنْ في عِيالِه ولهذا يَعولُهم، فكانَ مَأذونًا فيه من جِهةِ صاحبِها دِلالةً.

وجهُ الاستِحسانِ: أنَّ صاحبَها إنَّما يَحفَظُ الدابَّةَ بسائسِها، ولو دفَعَ المُستَعيرُ الدابَّةَ إلى مالكِها فهذا يَدفَعهُا إلى السائسِ، فكذلك إذا ردَّها على السائسِ، والعُرفُ الظاهرُ أنَّ صاحبَ الدابَّةِ يَأمرُ السائسَ بدَفعِها إلى المُستَعيرِ، وباستِردادِها منه إذا فرَغَت، فيَصيرُ مَأذونًا في دَفعِها إليه دِلالةً.

وهذا في غيرِ المُعارِ النَّفيسِ؛ إذ فيه لا بدَّ مِنْ التَّسليمِ لِلمالكِ، وإلا لَم يَبرأْ.

والقِياسُ في الجَميعِ ألَّا يَبرأَ ما لَم تَصلْ إلى صاحبِها، كالمُودَعُ إذا ردَّ الوديعةَ لا يَبرأُ عن الضَّمانِ ما لَم تَصلْ إلى يدِ صاحبِها، والفَرقُ على جوابِ الاستِحسانِ العُرفُ؛ فإنَّ الظاهرَ فيما بينَ الناسِ أنَّ سائسَ الدابَّةِ هو الذي يُسلِّمُ الدابَّةَ إلى المُستَعيرِ عندَ الإِعارةِ، وهو الذي يَستَردُّ منه عندَ

<<  <  ج: ص:  >  >>