للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنِ اختلفا فقالَ المالكُ: «أَعرتُكَها إلى طبَريةَ» وقالَ المُستَعيرُ: «أَعرتَنِيها إلى القدسِ» فالقولُ قولُ المالكِ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ وأَصحابُ الرَّأيِ.

وقالَ مالكٌ: إنْ كانَ يُشبِه ما قالَ المُستَعيرُ فالقولُ قولُه وعليه الضَّمانُ.

ولنا: إنَّ المالكَ مُدَّعًى عليه فكانَ القولُ قولَه؛ لِقولِ النَّبيِّ : «لكنَّ اليَمينَ على المُدَّعى عليه» (١).

وجاءَ في «المدونة الكبرى»: فيمَن استَعارَ دابَّةً يَركَبُها إلى سَفرٍ بَعيدٍ:

(قلْتُ) لابنِ القاسِمِ: أرَأيتَ لو أنَّ رَجلًا استَعارَ مِنْ رَجلٍ دابَّةً ليَركبَها حيثُ شاءَ ويَحمِلَ عليها ما شاءَ وهو بالفُسطاطِ فركِبَها إلى الشامِ أو إلى إِفريقيةَ؟ (قالَ): يُنظَرُ في عارِيتِه، فإن كانَ وَجهُ عارِيتِه إنَّما هو إلى المَوضعِ الذي يَركبُ إليه وإلا فهو ضامنٌ، ومِن ذلك أنَّه يَأتِي إلى الرَّجلِ فيَقولُ: «أسرِجْ لي دابَّتَك لأَركبَها في حاجةٍ لي» فيَقولُ له: «اركَبْها حيثُ أحبَبْت»، فهذا يَعلمُ الناسُ أنَّه لَم يُسرِجْها له إلى الشامِ ولا إلى إِفريقيةَ.

(قلْتُ): تَحفَظُه عن مالكٍ؟

(قالَ): هذا رَأيي.

(قالَ): ووَجدتُ في مَسائلِ عبدِ الرَّحيمِ أنَّ مالكًا قالَ فيمَن استَعارَ دابَّةً إلى بَلدٍ فاختَلفا فقالَ المُستَعيرُ: «أَعرتَنِيها إلى بَلدِ كذا وكذا» وقالَ المُعيرُ:


(١) «المغني» (٥/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>