للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه البِناءُ، فليسَ له أنْ يُسكنَها إيَّاه ولا أنْ يَعملَ بنَفسِه ذلك؛ لأنَّ المُعيرَ لا يَرضى به عادةً، والمُطلَقُ يَتقيَّدُ بالعُرفِ والعادةِ (١).

ولا خِلافَ بينَ العُلماءِ على أنَّه لو أعارَه دابَّةً ليَركبَها إلى مَوضعٍ مُحدَّدٍ فجاوَزَه فهو مُتَعدٍّ مِنْ حينِ المُجاوَزةِ، وكذا لو أعارَه دابَّةً ليَحملَ عليها شيئًا مُعينًا فحملَ أكثرَ منها وزنًا فهو مُتَعدٍّ.

قالَ الحَنفيةُ: ولو أعارَه دابَّةً على أنْ يَحملَ عليها عشرةَ مَخاتيمَ شَعيرٍ فليسَ له أنْ يَحملَ عليها عَشرةَ مَخاتيمَ حِنطةٍ؛ لأنَّ الحِنطةَ أَثقلُ مِنْ الشَّعيرِ، فكانَ اعتِبارُ القَيدِ مُفيدًا، فإنْ فعَلَ وخالَفَ إلى شرٍّ ضمِنَ عَملًا بالتَّقييدِ فقط، ولا يَضمنُ بالخِلافِ إلى خَيرٍ ولا إلى مُساوٍ، فلو أَعارَه على أنْ يَحملَ عَشرةَ مَخاتيمَ حِنطةٍ جازَ له أنْ يَحملَ عليها عَشرةَ مَخاتيمَ شَعيرٍ أو مثلُ ذلك مما يَكونُ مثلَ الحِنطةِ أو أَخفَّ منها؛ لأنَّ الإذنَ بالشيءِ إِذنٌ بما يُساوِيه وبما هو خَيرٌ منه (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : فإنِ استَعارَها إلى مَوضعٍ فجاوَزَه فقد تَعدَّى وعليه الأُجرةُ للزِّيادةِ خاصةً، فإذا استَعارَها إلى طَبريةَ فتجاوَزَ إلى القُدسِ فعليه أجرُ ما بينَ طبَريةَ والقُدسِ خاصةً.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٥، ٢١٦)، و «الهداية» (٣/ ٢٢١)، و «العناية» (١٢/ ٢٥٠)، و «الاختيار» (٣/ ٦٩، ٧٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٨٧)، و «مجمع الضمانات» (١/ ١٦٤، ١٦٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٥، ٢١٦)، و «الهداية» (٣/ ٢٢١)، و «العناية» (١٢/ ٢٥٠)، و «الاختيار» (٣/ ٦٩، ٧٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٨٧)، و «مجمع الضمانات» (١/ ١٦٤، ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>