للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشتَرطْ، أنَّه ردَّ العارِيةِ مَشغولةً بملكِه، فوجَبَ أنْ يُؤخَذَ بإِزالتِه عنه، أصلُه إذا ردَّ الدارَ وفيها مَتاعٌ، ولأنَّ ما هو مِنْ مُوجبِ الشيءِ لا يَحتاجُ إلى شَرطٍ، ومِن مُوجبِ العارِيةِ أنْ يَردَّ العاريةَ فارغةً ليَتمكنَ المالكُ مِنْ الانتِفاعِ، ولأنَّ ذلك مِنْ مَعنى تَبقيةِ بعضِ العارِيةِ في يدِه؛ لأنَّ مَوضعَ الغِراسِ لا يُمكنُ للمالكِ أنْ يَستَنفعَ به، ولا أنْ يَغرسَ فيه شيئًا، ولا أنْ يَزرَعَ ولا أنْ يَبنيَ، فصارَ كمَن استَعارَ مَتاعًا ثُم ردَّ بعضَه وبقِيَ البعضُ في يدِه فيَلزمُه ردُّه.

وأما إذا كانَت العارِيةُ مُطلقةً بأنْ أَعارَه ثَوبًا ليَلبسَه أو أرضًا ليَزرعَها أو دارًا ليَسكنَها وأَطلقَ؛ فقَولانِ في المَذهبِ:

أحدُهما: أنَّه يَلزمُه تَركُه في يدِه مُدةً يَنتفِعُ في مثلِها، وهو ما جرَت به العادةُ أنَّه يُعارُ إليه، فليسَ لرَبِّها أَخذُها قبلَه؛ لأنَّ العُرفَ كالشَّرطِ.

ومَحلُ لُزومِ المُعتادِ فيما أُعيرَ لغيرِ البِناءِ والغَرسِ أو فيهما قبلَ حُصولِهما، أو بعدَ الحُصولِ حيثُ لَم يَدفعِ المُعيرِ للمُستَعيرِ ما أَنفقَ، وأما إنْ دفعَ ما أَنفقَ في البِناءِ أو الغَرسِ فله الإِخراجُ قبلَ المُعتادِ.

والثانِي وهو الصَّحيحُ: أنَّها إنْ كانَت مُطلَقةً أنَّها لا تَلزمُ، بل لرَبِّها أَخذُها متى شاءَ، ولا يَلزمُ قَدرُ ما تُرادُ لمثلِه عادةً على المُعتَمدِ.

وفي قولٍ: أنَّه إنْ أعارَه للبِناءِ أو الزِّراعةِ وحصَلا فإنَّه يَلزمُ المُعتادُ اتِّفاقًا.

إلا أنَّه لو أخرجَه في بناءٍ وغَرسٍ ولو بقُربِ الإِعارةِ فإنَّه يَدفعُ له ما أَنفقَ في ذلك (١).


(١) «الإشراف» (٣/ ١٠٥، ١٠٦)، رقم (٩٦٤، ٩٦٥)، و «المعونة» (٢/ ١٨٦)، و «الذخيرة» (٦/ ٢٢٠)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٩١، ٢٩٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٢٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٥١، ١٥٢)، و «الشرح الصغير» (٨/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>