يُحقِّقُ ما ذَكرنَا: أنَّ العَبدَ لا بدَّ له من إظهارِ سِمةِ العُبوديَّةِ؛ ليُخالِفَ به مَنْ عَصَى مَولاهُ؛ لِما فيها من القِيامِ بَين يَديِ المَولَى على الرُّكبتينِ، وتَحنِيةِ الظَّهرِ له، وتَعفيرِ الوَجهِ بالأرضِ، والجُثُوِّ على الرُّكبتينِ، والثَّناءِ عليه، والمَدحِ له.
(ومنها): أنَّها مانِعةٌ لِلمُصلِّي من ارتِكابِ المَعاصِي؛ لأنَّه إذا قامَ بينَ يَدي ربِّه خاشِعًا مُتذلِّلًا مُستشعِرًا هَيبةَ الربِّ ﷻ خائِفًا تقصِيرَه في عبادَتهِ كلَّ يَومٍ خَمسَ مرَاتٍ، عصمَه ذلك من اقتِحامِ المعاصِي، والامتِناعُ عن المَعصِيةِ فَرضٌ، وذلِك قولُه تَعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
(ومنها): أنَّها جُعِلت مُكفِّرةً للذُّنوبِ والخَطايَا والزَّلَّاتِ والتَّقصيرِ؛ إذِ العبدُ في أوقاتِ لَيلِه ونَهارِه لا يَخلُو من ذَنبٍ أو خَطأٍ أو زلَّةٍ أو تَقصيرٍ في العِبادَةِ والقِيامِ بشُكرِ النِّعمةِ، وإن جلَّ قَدرُه وخطرُه عندَ اللهِ تَعالى؛ إذ قد سبقَ إليه مِنْ اللهِ تَعالى مِنْ النِّعمِ والإحسانِ ما لو أخذَ بشُكرِ ذلك لم يقدِر على أداءِ شُكرِ واحدةٍ منها، فَضلًا على أن يؤدِّيَ شُكرَ الكلِّ، فيَحتاجَ إلى تَكفيرِ ذلِك؛ إذ هو فَرضٌ، ففُرضتِ الصَّلواتُ الخَمسُ تَكفيرًا لذلِك.