للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ومنها): نِعمةُ سلامَةِ الجَوارحِ عن الآفاتِ؛ إذ بها يقدِرُ على إقامَةِ مَصالِحِهِ، أعطاهُ اللهُ ذلك كلَّه إنعامًا مَحضًا مِنْ غيرِ أن يَسبِقَ منه ما يُوجِبُ استحِقاقَ شَيءٍ من ذلك، فأُمر باستِعمالِ هذه النِّعمةِ في خِدمةِ المُنعمِ؛ شُكرًا لِما أنعمَ؛ إذ شُكرُ النِّعمةِ استِعمالُها في خِدمةِ المُنعمِ، ثُّم الصَّلاةُ تَجمَعُ استِعمالَ جَميعِ الجَوارحِ الظَّاهرةِ مِنْ القِيامِ والرُّكوعِ والسُّجودِ والقُعودِ ووَضعِ اليَدِ مَواضِعَها وحِفظِ العَينِ، وكذَا الجَوارحُ الباطِنةُ من شُغلِ القَلبِ بالنِّيةِ، وَإشعارِه بالخَوفِ والرَّجاءِ، وإحضارِ الذِّهنِ وَالعَقلِ بالتَّعظيمِ والتَّبجِيلِ؛ ليكونَ عمَلُ كلِّ عُضوٍ شُكرًا لمَا أُنعِمَ عليه في ذلِك.

(ومنها): نِعمةُ المفاصِلِ اللَّينةِ، والجَوارحِ المُنقادةِ التي بها يقدِرُ على استِعمالهِا في الأحوالِ المُختلِفةِ، من القِيامِ والقُعودِ والرُّكوعِ والسُّجودِ.

والصَّلاةُ تشتَملُ على هذه الأحوالِ، فأُمِرنا باستِعمالِ هذه النِّعَمِ الخاصَّةِ في هذه الأحوالِ في خِدمةِ المُنعمِ؛ شُكرًا لهذه النِّعمةِ، وشُكرُ النِّعمةِ فَرضٌ عَقلًا وشَرعًا.

(ومنها): أنَّ الصَّلاةَ -وكلَّ عِبادةٍ- خِدمةُ الربِّ ، وخِدمةُ المَولى على العَبد لا تَكونُ إلَّا فرضًا؛ إذِ التَّبرعُ من العَبد على مَولاهُ مُحالٌ، والعزِيمَةُ: هي شَغلُ جَميعِ الأوقاتِ بالعِباداتِ بقَدرِ الإمكانِ وانتِفاءِ الحَرجِ، إلَّا أنَّ اللهَ تَعالى بفَضلِه وكَرَمهِ جعلَ لعَبدهِ أن يترُكَ الخِدمةَ في بعضِ الأوقاتِ رُخصةً، حتى لو شرعَ لم يَكن له التَّركُ؛ لأنَّه إذا شرعَ فقدِ اختارَ العَزيمةَ وتركَ الرُّخصةَ، فيَعودُ حكمُ العَزيمةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>