وقالَ أَبو حَفصٍ العُكبَريُّ: يَسقطُ، قالَ أَبو الخَطابِ: أومَأَ إليه أحمدُ، وهو قولُ قَتادةَ والعَنبَريِّ؛ لأنَّه لو أذِنَ في إِتلافِها لَم يَجبْ ضَمانُها، فكذلك إذا أسقَطَ عنه ضَمانَها.
وقيلَ: بل مَذهبُ قَتادةَ والعَنبَريِّ أنَّها لا تُضمَنُ إلا أنْ يُشترَطَ ضَمانُها فيَجبُ؛ لقولِ النَّبيِّ ﷺ لصَفوانَ:«بل عارِيةٌ مَضمونةٌ».
ولنا: إنَّ كلَّ عَقدٍ اقتَضى الضَّمانَ لَم يُغيِّرْه الشرطُ -كالمَقبوضِ ببيعٍ صَحيحٍ أو فاسدٍ- ما اقتَضى الأَمانةَ، فكذلك كالوَديعةِ والشَّركةِ والمُضاربةِ، والذي كانَ مِنْ النَّبيِّ ﷺ إِخبارٌ بصِفةِ العارِيةِ وحُكمِها.
وفارقَ ما إذا أذِنَ في الإِتلافِ، فإنَّ الإِتلافَ فِعلٌ يَصحُّ الإِذنُ فيه ويَسقطُ حُكمُه؛ إذ لا يَنعقدُ مُوجِبًا للضَّمانِ معَ الإذنِ فيه، وإِسقاطُ الضَّمانِ ها هنا نَفيٌ للحُكمِ مع وُجودِ سَببِه، وليسَ ذلك للمالكِ ولا يَملِكُ الإِذنَ فيه (١).