للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو أجَّرَها بلا إذنِه، وإنْ لَم يَكنِ الثانِي عالمًا بالحالِ استَقرَّ عليه ضَمانُ العَينِ؛ لأنَّه قبَضَها على أنَّها عارِيةٌ والعارِيةُ مَضمونةٌ، ويَستقِرُّ ضَمانُ المَنفعةِ على المُستَعيرِ الأولِ؛ لأنَّه غرَّ الثانِي بدفعِها له على أنَّه يَستَوفي بغيرِ عِوضٍ، وعَكسُ ذلك لو أجَّرَها لجاهلٍ بالحالِ فيَستقِرُّ على المُستأجِرِ ضَمانُ المَنفعةِ وعلى المُستَعيرِ ضَمانُ العَينِ (١).

إلا إذا أذِنَ له مالكُها في الإِعارةِ فيَجوزُ اتِّفاقًا.

قالَ الشافِعيةُ: فإنْ سَمَّى صاحبُها المُستَعيرَ الثانِي برِئَ الأولُ منها ولا رُجوعَ له فيها، وإنْ ردَّها الثانِي عليه لَم يَبرَأْ، بل هو كالوَكيلِ في الإِعارةِ، فإنْ لم يُسمِّه فالأولُ على استِعارتِه والثانِي مُستَعيرٌ منه وله الرُّجوعُ متى شاءَ، فإذا ردَّها الثانِي عليه بَرِئَ.

ونصَّ الشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنَّه يَجوزُ للمُستَعيرِ أنْ يَستَنيبَ مَنْ يَستوفِي المَنفعةَ له، كأَنَ يَركبَ الدَّابةَ المُستعارةَ وَكيلُه -الذي هو مثلُه أو دونَه في حاجتِه- أو زَوجتُه أو خادمُه؛ لأنَّ الانتِفاعَ راجعٌ إليه بواسطةِ المُباشرةِ، ولأنَّ وَكيلَه نائبٌ عنه ويدُه كيدِه (٢).


(١) «المغني» (٥/ ١٣٢)، و «الكافي» (٢/ ٣٨٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٨٩، ٩٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ١١٠، ١١١)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٤٤).
(٢) «البيان» (٦/ ٥١٧، ٥١٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦١٥، ٦١٦)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٤٤)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٤١، ١٤٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٦٨)، و «تحفة المحتاج» (٦/ ٦٨٣)، و «المغني» (٥/ ١٣٢)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>