للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأَخذِ، فعلى هذا يَستوي حالُ المُقطِعِ وغيرِه في تَناولِ ما فيها، كما لو أقطَعَ المَعادنَ الظاهرةَ ولم يَصرْ أَحقَّ بها مَنْ لَم يَستقطِعْها.

والقولُ الثانِي: أنَّ إِقطاعَها جائزٌ، والمُقطِعُ أحقُّ بها مِنْ غيرِه، روى كَثيرُ ابنُ عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ عَوفٍ المُزنِيُّ عن أَبيه عن جَدِّه: «أنَّ رَسولَ اللهِ أقطَعَ بِلالَ بنَ الحارِثِ المُزنِيَّ مَعادنَ القبليَّةِ جَلسِيَّها وغَورِيَّها، وحيثُ يَصلُحُ الزَّرعُ مِنْ مُدهِنٍ ولَم يُعطِه حقَّ مُسلمٍ» وفيه تَأويلانِ:

أحدُهما: وهو قولُ عبدِ اللهِ بنِ وَهبٍ أنَّ جَلسِيَّها وغَورِيَّها أَعلاها وأَسفلَها. والتَّأويلُ الثانِي: وهو قولُ أَبي عُبيدٍ وابنِ قُتيبةَ أنَّ الغَورَ ما كانَ مِنْ بلادِ تهامةَ والجَلْسَ ما كانَ مِنْ بلادِ نجدٍ، قالَ الشَّماخُ:

فأضحَتْ على ماءِ العُذَيبِ وعَينُها كوَقبِ الصَّفَا جِلسِيُّها قد تَغوَّرَا

ولأنَّ المَعادنَ الباطنةَ تُخالفُ الظاهِرةَ مِنْ وَجهينِ تَوافَقَ بينَهما المَواتُ:

أحدُهما: ما يَلزمُ مِنْ كثرةِ المَؤونةِ في الباطِنةِ حتى ربَّما ساوَت مؤونةَ إِحياءِ المَواتِ وزادَتْ ولا يَلزمُ ذلك في الظاهرِ.

والثانِي: أنَّ ما في الباطِنةِ مَظنونٌ مُتوهَّمٌ فشابَهَ ما يَظنُّ مِنْ مَنافعِ المَواتِ بعدَ الإِحياءِ، وما في الظاهِرةِ مَشاهِد مُتيقَّنٌ فصارَتِ الباطِنةُ مِنْ هذينِ الوَجهينِ مُفارِقةً للظاهِرةِ في المَنعِ من إِقطاعِها، ومُلحَقةً بالمَواتِ في جَوازِ إِقطاعِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>