للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقَطعَ رَسولَ مِلحَ مَأرِبٍ فأقطَعَه، ثُم إنَّ الأقرَعَ بنَ حابِسٍ التَميمِيَّ قالَ: يَا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي قد ورَدتُ المِلحَ فِي الجاهليَّةِ وهوَ بأرضٍ ليسَ فيها مِلحٌ، ومَن ورَدَه أخَذَه، وهو مِثلُ الماءِ العِدِّ بأرضٍ، فاستَقالَ الأَبيضَ مِنْ قَطيعتِه المِلحَ، فقالَ الأَبيضُ: قد أقَلتُك منه على أن تَجعلَه منِّي صَدقةً، فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «هو منك صَدقةٌ، وهو مثلُ الماءِ العِدِّ مَنْ ورَدَه أخَذَه» (١).

وروَت بُهيسةُ عن أَبيها أنَّه قالَ: «يا نَبيَّ اللَّهِ، ما الشيءُ الذي لا يَحلُّ مَنعُه؟ قالَ: الماءُ، قالَ: يا نَبيَّ اللَّهِ، ما الشيءُ الذي لَا يَحلُّ مَنعُه؟ قالَ: المِلحُ، قالَ: يا نَبيَّ اللَّهِ، ما الشيءُ الذي لَا يَحلُّ مَنعُه؟ قالَ: أنْ تَفعلَ الخيرَ خيرٌ لك»، وأنَّه ليسَ المانعُ بأحقَّ مِنْ المَمنوعِ، فاقتَضى أنْ يَكونا فيه سَواءً، وإذا استَوى الناسُ في المَعادنِ الظاهِرةِ فإنْ أمكَنَ اشتِراكُ الناسِ فيه عندَ الإِجماعِ عليه وإلا تَقدَّمَ الأَسبقُ فالأَسبقُ.

فإنْ تَساوَى مَجيئُهم فعلى وَجهينِ:

أحدُهما: يُقرَعُ بينهم، فمَن قُرعَ منهم تَقدَّمَ.

والوَجهُ الثانِي: يُقدِّمُ السُّلطانُ باجتِهادِه مَنْ رَأى، فلو أقامَ رَجلٌ على المَعدِنِ زَمانًا يَتفرَّدُ به وبما فيه؛ نظَرَ فإنْ كانَ مع تَفرُّدِه به يَمنعُ منه فمنه تعَدَّى، وعلى السُّلطانِ أنْ يَرفعَ يدَه عنه وقد ملَكَ ما أخَذَه منه، وإنْ لَم يَمنعْ غيرَه منه ففيه وَجهانِ: أحدُهما: أنْ يُقرَّ ما لَم يَكنْ في إِقرارهِ إِدخالُ ضَررٍ على


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه ابن ماجه (٢٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>