ﷺ، ولو ملَكَه لم يَجزِ استِرجاعُه، وردَّ عُمرُ أيضًا قَطيعةَ أَبي بَكرٍ لعُيينةَ بنِ حِصنٍ، فسألَ عُيينةُ أَبا بَكرٍ أنْ يُجدِّدَ له كِتابًا فقالَ: واللهِ لا أُجدِّدُ شيئًا ردَّه عُمرُ. رَواه أَبو عُبيدٍ.
لكنَّ المُقطَعَ يَصيرُ أَحقَّ به مِنْ سائرِ الناسِ وأَولى بإِحيائِه، فإنْ أَحياه وإلا قالَ له السُّلطانُ:«إنْ أَحيَيتَه وإلا فارفَعْ يدَك عنه»، كما قالَ عُمرُ لبِلالِ بنِ الحارثِ المُزنِيِّ: إنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ لَم يُقْطِعْك لتَحجِبَه دونَ الناسِ، وإنَّما أقطَعَك لتُعمِّرَ، فخُذْ منها ما قدِرتَ على عِمارتِه ورُدَّ الباقيَ، وإنْ طلَبَ المُهلةَ لعُذرٍ أُمهِلَ بقَدرِ ذلك، وإنْ طلَبَها لغيرِ عُذرٍ لم يُمهَلْ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ سبَقَ غيرُه فأَحياه قبلَ أنْ يُقالَ له شيءٌ أو في مدةِ المُهلةِ فهل يَملِكُه؟ على وَجهينِ:
وقد رُويَ عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ أقطَعَ ناسًا مِنْ جُهينةَ أو مُزينةَ أرضًا فعَطَّلوها، فجاءَ قَومٌ فأحيَوْها فخاصَمَهم الذين أَقطَعَهم رَسولُ اللهِ ﷺ إلى عُمرَ ﵁، فقالَ عُمرُ: لو كانَت قَطيعةً مِنّي أو مِنْ أَبي بَكرٍ لم أرُدَّها، ولكنَّها قَطيعةٌ مِنْ رَسولِ اللهِ ﷺ فأنا أَردُّها. فدلَّ هذا على أنَّها إذا كانَت قَطيعةً مِنْ غيرِ رَسولِ الله ﷺ فهي لمَن أَحياها.
والثانِي: لا يَملكُه؛ لأنَّه تعلَّقَ به حقُّ المُقطِعِ، ومَفهومُ قولِه ﵇:«مَنْ أَحيا أرضًا مَيتةً في غيرِ حقِّ مُسلمٍ فهي له» أنَّه إذا تَعلَّقَ بها حقُّ مُسلمٍ لم