للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماتَ المُتحجِّرُ قامَ وَرثتُه مَقامَه، وكذا إذا جُنَّ قامَ وَليُّه مَقامَه في إِحيائِها له إنْ رَآه، فإنْ أَحياها لنَفسِه فحُكمُه حُكمُ المُتغلِّبِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إنْ تَحجَّرَ مَواتًا -وهو أنْ يَشرَعَ في إِحيائِه- مثلُ: أنْ أدارَ حولَ الأرضِ تُرابًا وأَحجارًا أو شَوكًا، أو حاطَها بحائطٍ غيرِ مَنيعٍ، أو حفَرَ بئرًا لم يَصِلْ ماؤُها، أو سَقى شَجرًا مُباحًا كزَيتونٍ ونحوِه، أو أصلَحَه بأنْ قطَعَ الأَغصانَ الرَّديئةَ؛ لم يَملِكْها بذلك؛ لأنَّ الملكَ بالإِحياءِ وليسَ هذا إِحياءً؛ لأنَّ المُسافِرَ قد يَنزلُ مَنزلًا ويَحوطُ على رَحلِه بنحوِ ذلك.

لكنْ يَصيرُ أحقَّ الناسِ به؛ لأنَّه رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «مَنْ سبَقَ إلى ما لَم يَسبقْ إليه مُسلمٌ فهو له» (٢).

فإنْ نقَلَه إلى غيرِه صارَ الثانِي بمَنزلتِه؛ لأنَّ صاحبَه أقامَه مَقامَه، وإنْ ماتَ فوارِثُه أَحقُّ به؛ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ ترَكَ حقًّا أو مالًا فهو لوَرثتِه» (٣)، ولأنَّه حقٌّ للمَوروثِ فقامَ وارِثُه مَقامَه فيه كسائرِ حُقوقِه.

فإنْ باعَه أو وارِثُه أو المَنقولُ إليه لم يَصحَّ بيعُه على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ؛ لأنَّه لَم يَملكْه فلم يَملكْ بيعَه كحقِّ الشُّفعةِ قبلَ الأَخذِ به، وكمَن سبَقَ إلى مَعدِنٍ أو مُباحٍ قبلَ أَخذِه.


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ١٠٤، ١٠٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤١٩، ٤٢١)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٢٢، ٢٢٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٣٥، ٤٣٦)، و «الديباج» (٢/ ٥٠١، ٥٠٢)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٤٠٠، ٤٠١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٨٩، ٣٩٠).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٠٧١).
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٩٨)، ومسلم (١٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>