للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَلاماتِ الدالَّةِ على إِرادةِ تَحصيلِ السَّببِ لا يَمنعُ الغيرَ مِنْ تَحصيلِه، ولا يَكونُ أَولى بها حتى يَعلمَ أنَّه حجَّرَها ليَعملَ فيها، ومَن حجَّرَ ما لا يَقوى عليه فله منه ما عمَّرَ.

إلا أنْ تَجريَ العادةُ بأنَّ التَّحجيرَ والتَّحويطَ على المَواتِ إِحياءٌ أو يُقطعَه الإمامُ فيحوِّطَه ويَكونُ إحياءً (١).

وقالَ الشافِعيةُ: مَنْ شرعَ في عملِ إِحياءٍ ولم يُتمَّه كَأَنْ حفرَ أَساسًا أو جمَعَ تُرابًا، أو جعَلَ له عَلامةَ العِمارةِ على بُقعةٍ بنَصبِ أَحجارٍ أو غرَزَ خَشبًا فيها أو نحوِ ذلك، كَأَنْ خطَّ خطًّا أو جمَعَ تُرابًا حولَها فمُتَحجِّرُ لذلك المحلِّ في الصورِ المَذكورةِ؛ لأنَّه بذلك منَعَ غيرَه منه، وهو أَحقُّ به مِنْ غيرِه، يَعني أنَّه مُستحِقٌّ له دونَ غيرِه اختِصاصًا لا مُلكًا، والمُرادُ ثُبوتُ أصلِ الأَحقِّيَّة له؛ إذ لا حقَّ لغيرِه فيه؛ لحَديثِ أَبي داودَ: «مَنْ سبَقَ إلى ما لَم يَسبقْ إليه مُسلمٌ فهو له» (٢)، ولأنَّ الإِحياءَ يُفيدُ الملكَ فيُفيدُ الشُّروعُ فيه الامتِناعَ كالاستِيامِ معَ الشِّراءِ.

وهذه الأحقِّيةُ أَحقِّيةُ اختِصاصٍ لا ملكٍ؛ لأنَّ سَببَه الإِحياءُ ولَم يُوجَدْ.

ولها شَرطانِ: أحدُهما: ألَّا يَزيدَ على قَدرِ كِفايتِه، فإنْ خالَفَ كانَ لغيرِه أنْ يُحييَ ما زادَ على كِفايتِه، وقيلَ: لا يَصحُّ تَحجرُه أصلًا.


(١) «المنتقى» (٦/ ٣٠)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٥٠)، و «الذخيرة» (٦/ ١٥٥)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٧١)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٤٤٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٣٠)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٢٤).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٠٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>