للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجعلُه عليها أو يَسقي شجرًا مباحًا ويُصلحُه ولم يَركبْه (١).

ذهَبَ جُمهورُ أهلِ العلمِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ إلى أنَّ التَّحجيرَ ليسَ بإِحياءٍ، إلا أنَّه أحقُّ به مِنْ غيرِه اختِصاصًا لا ملكًا، ولهم تَفصيلٌ في هذا، بَيانُه على ما يَلي:

قالَ الحَنفيةُ: مَنْ حجَّرَ أرضًا مَواتًا بأنْ منَعَها مِنْ غيرِه -بوَضعِ عَلامةٍ مِنْ حَجرٍ أو غيرِه للإِعلامِ بأنَّه قصَدَ إِحياءَها- ولَم يَعمرْها ثَلاثَ سِنينَ دفَعَها الإمامُ إلى غيرِه؛ لأنَّ التَّحجيرَ ليسَ بإِحياءٍ لِيَملكَه به؛ لأنَّ الإِحياءَ إنَّما هو العِمارةُ، والتَّحجيرُ الإِعلامُ، سُمِّيَ به لأنَّهم كانوا يَعلمونَه بوضعِ الأَحجارِ حولَه أو يَعلمونَه لحجرِ غيرِهم عن إِحيائِه، فبقِيَ غيرَ مَملوكٍ كما كانَ.

وإنَّما شَرَطَ تَركَ ثَلاثِ سِنينَ لقولِ عُمرَ : «ليسَ لمُتحجِّرٍ بعدَ ثلاثِ سِنينَ حقٌّ» (٢)، ولأنَّ الغالبَ أنَّ الأَراضيَ تُزرَعُ في السُّنةِ مرةً، وأَكثرُ ما جُعلَ للارتِياءِ في جِنسِ ما يُستدَّلُ به على الرَّغبةِ والاختِيارِ الثَّلاثُ وهي الثَّلاثُ مِنْ ذلك النوعِ، فإذا ترَكَها هذا القَدرَ فالظاهرُ أنَّه قصَدَ إِتلافَها ومَوتَها فوجَبَ على الإمامِ إِزالةُ يدِه عنها.


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٢٣٣)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٧٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٨٩).
(٢) قالَ الحافظُ ابنُ حَجرٍ العَسقلانِيُّ : حَديثُ عُمرَ: «ليسَ لمُتحجِّرٍ بعدَ ثلاثِ سِنينَ حقٌّ» أَبو يُوسفَ في كتابِ الخراجِ عن الحَسنِ بن عِمارةَ عن الزُّهريِّ عن سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ قالَ عمرُ: «مَنْ أَحيا أرضًا ميِّتةً فهي له وليسَ لمُتحجِّرٍ حقٌّ بعدَ ثَلاثِ سِنينَ» وإسنادُه واهٍ. «الدراية في تخريج أحاديث الهداية» (٢/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>