للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّاويةُ الثانيةُ: يَملكُها؛ لأنَّها خارجةٌ مِنْ أرضِه المَملوكَةِ له فأشبَهَتْ الزَّرعَ والمَعادنَ الجامِدةَ (١).

أما المالِكيةُ فقالوا: المَعدِنُ كالذَّهبِ والفِضةِ إما أنْ يَظهرَ في المَواتِ أو الفَيافي في بِلادِ الإِسلامِ فإنَّ الحُكمَ فيه للإمامِ، يُقطعُه لمَن يَعملُ فيه بوَجهِ الاجتِهادِ، ومَعنى إِقطاعِه إيَّاها أنْ يَجعلَ لمَن يُقطعُه إيَّاها الانتِفاعَ بها مدَّةً مَحدودةً أو غيرَ مَحدودةٍ لا يُملِّكُه رقبتَها، كما لا يُقطِعُ أرضَ العَنوةِ تمليكًا، لكنْ قَطيعةُ إِمتاعٍ، والأصلُ للمُسلِمينَ.

وإما أنْ يَظهرَ المَعدِنُ في أرضٍ مَملوكةٍ مَحوزَةٍ لمالكٍ مُعيَّنٍ كزيدٍ مثلًا، ففيه ثَلاثةُ أَقوالٍ في المَذهبِ:

المُعتمَدُ منهما -وهو قولُ ابنِ القاسِمِ-: أنَّ النَّظرَ فيه للإمامِ أيضًا، يُقطِعُه مَنْ يَشاءُ، وذلك لأنَّ المَعادنَ ليسَت تبعًا للأرضِ التي هي فيها مَملوكةً كانَت أو غيرَ مَملوكةٍ؛ لأنَّ المَعادنَ التي في جوفِ الأرضِ أقدَمُ مِنْ ملكِ المالِكينَ لها، فلم يَحصلْ ذلك ملكًا لهم بملكِ الأرضِ فصارَ ما فيها بمنزلةِ ما لم يُوجَفْ عليه بخيلٍ ولا رِكابٍ، قالَ ابنُ القاسمِ: وكذلك مَعادنُ الزّرنيخِ والكُحلِ والنُّحاسِ والرَّصاصِ هي كمَعادنِ الذَّهبِ والفضَّةِ، للسُّلطانِ أنْ يُقطِعَها لمَن يَعملُ فيها.


(١) «المغني» (٥/ ٣٣٣، ٣٣٤)، و «الكافي» (٢/ ٤٣٧، ٤٣٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٩، ٢٣٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٦١)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٦٢)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٨٦، ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>