للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكُحلِ؛ لأنَّه ملَكَ الأرضَ بجَميعِ أَجزائِها وطَبقاتِها وهذا منها، فيَتبعُها في الملكِ كما لو اشتَراها، بخِلافِ الرِّكازِ فإنَّه مُودَعٌ فيها للنَّقلِ وليسَ مِنْ أَجزائِها.

وهذا في المَعدِنِ الظاهرِ، إذا ظهَرَ بإِظهارِه وحَفرِه، وأما ما كانَ ظاهرًا فيها قبلَ إِحيائِها فلا يُملَكُ؛ لأنهَّ قَطعٌ لنفعٍ كانَ واصلًا للمُسلِمينَ، ومَنعُهم انتِفاعًا كانَ لهم، وهاهنا لَم يَقطَعْ عنهم شيئًا؛ لأنَّه ظهَرَ بإِظهارِه له.

ولو تَحجَّرَت الأرضُ أو أقطَعَها فظهَرَ فيها المَعدِنُ قبلَ إِحيائِها لكانَ له إِحياؤُها، ويَملكُها بما فيها لأنَّه صارَ أحقَّ به بتَحجُّرِه وإِقطاعِه، فلَم يَمنعْ مِنْ إِتمامِ حقِّه.

وأما المَعادنُ الجاريةُ كالقارِ والنّفطِ والماءِ، فهل يَملكُها مَنْ ظهرَتْ في ملكِه؟ فيه رِوايتانِ:

أَظهرهُما وهي المَذهبُ: لا يَملكُها؛ لقولِ النَّبيِّ : «المُسلِمونَ شُركَاءُ في ثَلاثٍ: في الماءِ والكلأِ والنَّارِ وَثمنُه حَرامٌ» (١) وفي لفظٍ «الناسُ شُركاءُ»، ولأنَّها ليسَت مِنْ أَجزاءِ الأرضِ فلَم يَملكْها بملكِ الأرضِ كالكَنزِ، إلا أنَّه أحقُّ به مِنْ غيرِه؛ لحَديثِ: «مَنْ سبَقَ إلى ما لَم يَسبقْ إليه أحدٌ فهو له» رواه أَبو داودَ، وفي لفظٍ: «فهو أحقُّ به» (٢) فهنا أَولى.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٢٣١٣٢)، وابن ماجه (٢٤٧٢)، و «اللفظ له والبيهقي في «الكبرى» (١١٦١٢).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٠٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>