للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في يدِ المُشرِكينَ ثُم صارَت في يدِ المُسلِمينَ بإِيجافِ الخيلِ، فكَانَ ذلك لهم مِنْ اللهِ تَعالَى ورَسولِه ، وما كانَ بهذه الصفةِ لم يَختصَّ أحدٌ بشيءٍ منه دونَ إذنِ الإمامِ كالغَنائمِ.

وأصلُ اشتِقاقِ الكَلمةِ مِنْ الحَجرِ، وهو المَنعُ، فإنَّ مَنْ أَعلمَ في مَوضعٍ مِنْ المَواتِ عَلامةً فكأنَّه منَعَ غيرَه مِنْ إِحياءِ ذلك المَوضعِ، فسُمِّيَ فِعلُه تَحجيرًا، وبَيانُ ذلك أنَّ الرجلَ إذا مرَّ بمَوضعٍ مِنْ المَواتِ فقصَدَ إِحياءَ ذلك المَوضعِ فوضَعَ حولَ ذلك المَوضعِ أحجارًا، أو حصَدَ ما فيها مِنْ الحَشيشِ والشَّوكِ وجعَلَها حوْلَ ذلكَ فمنَعَ الداخِلَ مِنْ الدُّخولِ فيها؛ فهَذا تَحجيرٌ ولا يَكونُ إحياءً.

ثُم عندَ أَبي حَنيفةَ إذا لم يَملكْها بالإِحياءِ وملَّكَه إيَّاها الإمامُ بعدَ الإِحياءِ تَصيرُ ملكًا له، والأَولى للإمامِ أنْ يَجعلَها له إذا أَحيَاها ولا يَستَردَّها منه، وهذا إذا ترَكَ الاستِئذانَ جَهلًا، أما إذا ترَكَه تَهاونًا بالإمامِ كانَ له أنْ يَستَردَّها زَجرًا له، فإذا ترَكَها له الإمامُ ترَكَها بعُشرٍ أو خَراجٍ.

وفي «الهدايةِ»: يَجبُ فيها العُشرُ؛ لأنَّ ابتِداءَ تَوظيفِ الخَراجِ على المُسلمِ لا يَجوزُ إلا إذا سَقاها بماءِ الخَراجِ، حِينئذٍ يَكونُ إِبقاءُ الخَراجِ على اعتِبارِ الماءِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٩٥)، و «المبسوط» (٢٣/ ١٦٧)، و «الهداية» (٤/ ٩٨، ٩٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٢١)، و «الاختيار» (٣/ ٨٣)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٣٥)، و «العناية» (١٤/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٣٩)، و «اللباب» (١/ ٦٨٠، ٦٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>