للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملكَ لا حُرمةَ له، رَوى ابنُ أَبي شَيبةَ في مُصنَّفِه مَوقوفًا على ابنِ عَباسٍ قالَ: «إنَّ عادِيَّ الأرضِ للهِ ولرَسولِه ولكم مِنْ بعدُ، فمَن أَحيا شيئًا مِنْ مَوتانِ الأرضِ فهو أَحقُّ به» (١).

وقد رُويَ عن طاوسَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «عَاديُّ الأرضِ للهِ ولرَسولِه ثُم هو بعدُ لكم» (٢). رَواه أَبو عُبيدٍ في «الأَموال»، وقالَ: عادِيُّ الأرضِ التي كانَ بها ساكِنٌ في آبادِ الدَّهرِ فانقَرضُوا فلم يَبقَ منهم أَنيسٌ، وإنَّما نَسبَها إلى عادٍ لأنَّهم كانُوا مع تَقدُّمِهم ذَوي قوَّةٍ وبَطشٍ وآثارٍ كَثيرةٍ، فنسَبَ كلَّ أثرٍ قَديمٍ إليهم.

ولأنَّه لو وُجدَ في بَلادِ الشِّركِ رِكازٌ مِنْ ضَربِ المُشرِكينَ لمَلكَه بالوُجودِ، وإنْ كانَ قد جَرى عليه ملكُ مُشركٍ، فكذلك إذا أَحيا مَواتًا جَرى عليه ملكٌ لمالكٍ غيرِ مَعروفٍ مِنْ المُشرِكينَ.

وذهَبَ الشافِعيةُ في قولٍ والحَنابلةُ في احتِمالٍ إلى أنَّ كلَّ ما فيه أَثرُ الملكِ ولم يُعلَمْ زَوالُه قبلَ الإِسلامِ أنَّه لا يُملكُ؛ لأنَّه ليسَ بمَواتٍ، ولأنَّه يَحتملُ أنَّ المُسلِمينَ أَخذُوه عامرًا فاستَحقُّوه فصارَ مَوقوفًا بوقفٍ عُمِّرَ له، فلم يُملَكْ كما لو عُلمَ مالكُه (٣).


(١) «مصنف ابن أبي شيبة» (٤/ ٤٨٧)، رقم (٢٢٣٨٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٦/ ١٤٣)، رقم (١١٥٦٥).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو عبيد في «الأموال» (٦٧٤)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٥٦٤).
(٣) «نهاية المطلب» (٨/ ٢٨٢)، و «البيان» (٧/ ٤٧٨، ٤٧٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٩٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢٩)، و «المغني» (٥/ ٣٢٨، ٣٢٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٤٨، ١٤٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٩٢)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٧٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>