للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو نازَعَ أهلُ الوَقفِ القَيِّمَ وقالوا للحاكِمِ: «إنَّ الواقفَ إنَّما جعَلَ له هذا في مُقابَلةِ العملِ وهو لا يَعملُ شيئًا» لا يُكلِّفُه الحاكِمُ مِنْ العَملِ ما لا يَفعلُه الوُلاةُ، ولو حَلَّ به آفَةٌ يُمكنُه معها الأمرُ والنهيُ والأخذُ والإعطاءُ فله الأجرُ، وإلَّا فلا أجْرَ له، ولو طعَنَ أهلُ الوَقفِ في أمانتِه لا يُخرجُه الحاكِمُ إلا بخِيانةٍ ظاهِرةٍ ببيِّنةٍ، وإنْ رَأى أنْ يُدخِلَ معه رَجلًا آخَرَ فعَلَ، ومَعلومُه باقٍ له، وإنْ رَأى أنْ يَجعلَ لمَن أدخَلَه معَه حِصَّةً مِنْ مَعلومِه فلا بَأسَ، وإنْ رَآهُ ضَيِّقًا فجعَلَ لمَن أدخَلَه مِنْ غَلةِ الوَقفِ قَدرًا مُعيَّنًا جازَ، ويَنبَغي له أنْ يَقتصدَ فيما يَجعلُ له مِنْ الغَلةِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: وَظيفةُ المُتولِّي عندَ الإطلاقِ أو التَّفويضِ جَميعُ أُمورِ العِمارةِ والإجارةِ وتَحصيلِ الغَلَّةِ وقِسمتِها على المُستحِقِّينَ وحِفظُ الأُصولِ والغلَّاتِ على الاحتِياطِ؛ لأنه المَعهودُ في مِثلِه.

وكذا الاقتِراضُ على الوَقفِ عندَ الحاجةِ، لكنْ إنْ شرَطَه الواقفُ أو أَذِنَ له القاضي، سَواءٌ مالُ نَفسِه أو غيرُه.

فإنْ فوَّضَ إليه بعضَ هذه الأُمورِ لم يَتعَدَّه؛ اتِّباعًا للشَّرطِ كالوَكيلِ.

ويَجوزُ أنْ يَنصبَ الواقفُ مُتولِّيًا لبَعضِ الأُمورِ دونَ بَعضٍ، بأنْ يَجعلَ إلى واحِدٍ العِمارةَ وتَحصيلَ الغلَّةِ، وإلى آخَرَ حِفظَها وقِسمتَها على المُستحِقِّينَ، أو يَشرِطَ لواحِدٍ الحِفظَ واليَدَ ولآخَرَ التَّصرفَ (٢).


(١) «الإسعاف» ص (٥٣، ٥٤)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٦٣).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ١٦٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٨٢)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٥٤٤، ٥٤٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٢٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٥٨، ٤٥٩)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٦٧)، و «الديباج» (٢/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>