وقالَ الشافِعيُة: يَستحِقُّ الناظِرُ ما شُرطَ له مِنْ الأُجرةِ وإنْ زادَ على أُجرةِ المِثلِ، ما لم يَكنْ هو الواقفَ، فلو شرَطَ لنَفسِه النَّظرَ بأُجرةِ المِثلِ صَحَّ؛ لأنَّ استِحقاقَه لها مِنْ جِهةِ العَملِ لا مِنْ جِهةِ الوَقفِ، فإنْ شرَطَ النَّظرَ بأكثَرَ منها لم يَصِحَّ الوَقفُ؛ لأنه وَقفٌ على نَفسِه (١).
وقالَ الحَنابلةُ: إنْ شرَطَ الواقفُ له شيئًا فله ما شرَطَ الواقفُ فقط، قَليلًا كانَ المَشروطُ أو كَثيرًا لنَظرِه، قالَه في «القَواعِد».
فإنْ شرَطَ الواقفُ للناظِرِ أُجرةً -أي: عِوضًا مَعلومًا- فإنْ كانَ المَشروطُ بقَدرِ أُجرةِ المِثلِ اختَصَّ به، وكانَ ما يَحتاجُ إليهِ الوَقفُ مِنْ أُمَناءَ وغَيرِهم مِنْ غَلةِ الوَقفِ، وإنْ كانَ المَشروطُ أكثَرَ فكُلفةُ ما يَحتاجُ إليهِ الوَقفُ مِنْ نَحوِ أُمَناءَ وعُمَّالٍ على الناظِرِ، يَصرِفُها مِنْ الزيادةِ حتى يَبقَى له أُجرةُ مِثلِه، إلَّا أنْ يَكونَ الواقفُ شرَطَه له خالِصًا.
وللناظِرِ الأُجرةُ على عَملِه مِنْ وَقتِ نظَرَه في الوَقفِ، قالَ الرُّحَيبانِيُّ: وهذا المَذكورُ في الناظِرِ نقَلَه الحارِثيُّ عن الأصحابِ، وقالَ: ولا شَكَّ أنَّ التَّقديرَ بقَدرٍ مُعيَّنٍ صَريحٌ في اختِصاصِ الناظِرِ به، فتَوقُّفُ الاختِصاصِ على ما قالُوا لا معنَى له … إلى أن قالَ: وصَريحُ المُحاباةِ لا يَقدحُ في الاختِصاصِ به إجماعًا، ويَتَّجهُ: ليسَ مِنْ المَعروفِ مُجاوَزةُ أجرِ مِثلِه، وهو مُتجِهٌ، قالَ الشيخُ تَقيُّ الدِّينِ: له -أي: لناظِرِ الوَقفِ- أخذُ أُجرةِ عَملِه مع
(١) «أسنى المطالب» (٢/ ٤٦٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥٩، ٤٨٢)، و «حاشية الجمل» (٣/ ٥٩٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٥٩).