للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا المالِكيةُ فيُفرِّقونَ بينَ أنْ يَقفَ على مَحجورِه، كأنْ يَقفَ على صِغارِ وَلدِه أو مَنْ في حِجرِه أو على سَفيهٍ، فيَجوزُ أنْ يَشتَرطَ وِلايةَ الوَقفِ لنَفسِه.

وأمَّا إذا وقَفَ على غيرِ مَحجورِه واشتَرطَ النَّظرَ على الوَقفِ لنَفسِه بطَلَ الوَقفُ؛ لأنَّ فيهِ تَحجيرًا (١).

وقالَ ابنُ القيِّمِ : المِثالُ السَّادسُ والأربَعونَ: إذا وقَفَ وَقفًا وجعَلَ النَّظرَ فيهِ لنَفسِه مدَّةَ حَياتِه ثُمَّ مِنْ بَعدِه لغيرِه صَحَّ ذلكَ عندَ الجُمهورِ، وهو اتِّفاقٌ مِنْ الصَّحابةِ، فإنَّ عمرَ كانَ يَلي صَدَقتَه، وكذلكَ الخُلفاءُ الرَّاشِدونَ وغَيرُهم مِنْ الصَّحابةِ، والنبيُّ لمَّا أشارَ على عُمرَ بوَقفِ أرضِه لم يَقُلْ له: «لا يَصحُّ ذلكَ حتى تُخرِجَها عن يَدِكَ ولا تَليَ نظَرَها»، وأيُّ غَرضٍ للشَّارعِ في ذلكَ وأيُّ مَصلحةٍ للواقِفِ أو للمَوقوفِ عليه؟! بل المَصلحةُ خِلافُ ذلكَ؛ لأنه أخبَرُ بمالِه وأقوَمُ بعِمارتِه ومَصالحِه وحِفظِه مِنْ الغَريبِ الذي ليسَتْ خِبرتُه وشَفقتُه كخِبرةِ صاحِبِه وشَفقتِه، ويَكفي في صِحةِ الوَقفِ إخراجُه عن مِلكِه وثُبوتُ نَظرِه ويَدِهِ عليه كثُبوتِ نَظرِ الأجنَبيِّ ويَدِه، ولا سِيَّما إنْ كانَ مُتبَرِّعًا، فأيُّ مَصلحةٍ في أنْ


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٦٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٨٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٦٧)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٤٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٥٩)، و «شفاء الغليل في حل مقفل خليل» (٢/ ٩٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>