للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُباعُ ويُشتَرى بثَمنِه ما يَقومُ مَقامَه، والمَسجدُ إذا خَرِبَ ما حَولَه فتُنقَلُ آلَتُه إلى مَكانٍ آخَرَ، أو يُباعُ ويُشتَرى بثَمنِه ما يَقومُ مَقامَه، أو لا يُمكِنُ الانتفاعُ بالمَوقوفِ عليه مِنْ مَقصودِ الواقفِ فيُباعُ ويُشتَرى بثَمنِه ما يَقومُ مَقامَه، وإذا خَرِبَ ولم تُمكِنْ عِمارتُه فتُباعُ العَرْصةُ ويُشتَرى بثَمنِها ما يَقومُ مَقامَها، فهذا كلُّهُ جائزٌ، فإنَّ الأصلَ إذا لم يَحصلْ به المَقصودُ قامَ بَدلُه مَقامَه.

والثَّاني: الإبدالُ لمَصلحةٍ راجِحةٍ، مثلَ أنْ يُبدِلَ الهَديَ بخيرٍ منه، ومثلَ المَسجدِ إذا بُنيَ بَدلُه مَسجدٌ آخَرُ أصلَحُ لأهلِ البَلدِ منه وبِيعَ الأولُ، فهذا ونَحوُه جائِزٌ عند أحمدَ وغَيرِه مِنْ العُلماءِ، واحتَجَّ أحمدُ بأنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ نقَلَ مَسجدَ الكُوفةِ القَديمَ إلى مَكانٍ آخَرَ، وصارَ الأولُ سُوقًا للتَّمَّارينِ، فهذا إبدالٌ لعَرْصةِ المَسجدِ.

وأمَّا إبدالُ بِنائِه ببِناءٍ آخَرَ فإنَّ عُمرَ وعُثمانَ بَنَيا مَسجدَ النبيِّ بِناءً غيرَ بِنائِهِ الأولِ وزادَا فيهِ، وكذلكَ المَسجدُ الحَرامُ، فقدْ ثبَتَ في الصَّحيحَينِ أنَّ النبيَّ قالَ لعائِشةَ: «لَولا أنَّ قَومَكِ حَديثُو عَهدٍ بجاهِليةٍ لنَقَضتُ الكَعبةَ ولَألصَقتُها بالأرضِ، ولَجَعَلتُ لها بابَينِ: بابًا يَدخلُ الناسُ منه، وبابًا يَخرجونَ منهُ» (١)، فلولا المُعارِضُ الرَّاجحُ لَكانَ النبيُّ يُغَيِّرُ بِناءَ الكَعبةِ، فيَجوزُ تَغييرُ بِناءِ الوَقفِ مِنْ صُورةٍ إلى صُورةٍ لأجْلِ المَصلحةِ الراجِحةِ.


(١) أخرجه البخاري (١٢٦)، ومسلم (١٣٣٣) بلَفظٍ قَريبٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>